للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أييبت في قنة قنواء قد بلغت ... هام السماك وفاتته بأبواع١

يستقبل المزن ليتيها بوابلة ... وتصدم الريح جنبيها بزعزاع٢

يظل شمراخها يبسًا وأسفلها ... مكللًا بالندى يرعى به الراعي

إذا البروق ازمهرت خلت ذروتها ... شهمًا تدرع من تبر بأدراع

تكاد تلمس منها الشمس دانية ... وتحبس البدر عن سير وإقلاع

أظل فيها غريب الدار مبتئسًا ... نابي المضاجع من هَمٍّ وأوجاع

لا في "سرنديب" خل أستعين به ... على الهموم إذا هاجت ولا راعي

يظنني من يراني ضاحكًا جذلًا ... أني خلي، وهمي بين أضلاعي

ولا روبك ما جدوى بمندرس ... على البعاد ولا صبري بمطواع

لكنني مالك حزمي، ومنتظر ... أمرًا من الله يشفي برح أوجاعي

أكف غرب دموعي وهي جارية ... خوف الرقيب وقلبي جد ملتاع

فإن يكن ساءني دهري، وغادرني ... رهن الأسى بين جدب بعد إمراع

فإن في مصر إخوانًا يسرهم ... قربي، ويعجبهم نظمي وإبداعي

ويقول من قصيدة أخرى وهو في المنفى يتشوق إلى مصر:

يا "ورضة النيل" لا مستك بائقة ... ولا عدتك سماء ذات أغداق٣

ولا برحت من الأوراق في حلل ... من سندس عبقريِّ الوشى براق

يا حبذا نسم من جوها عبق ... يسري على جدول بالماء دفاق

بل حبذا دوحة تدعو الهديل بها ... عند الصباح قماري بأطواق

مرعى جيادي، ومأوى جيرتي، وحمى ... قومي، ومنبت آدابي وأعراقي

أصبوا إليها على بعد، ويعجبني ... أني أعيش بها في ثوب إملاق


١ قنواء: عالية مرتفعة، الأبواع: جمع باع.
٢ الليتان: صفحتا العنق مثنى ليت, زعزاع: شديدة تزعزع الأشياء.
٣ البائقة الداهية: لا عدتك: لا تجاوزك، والمراد بالسماء السحب والأمطار.

<<  <  ج: ص:  >  >>