إنما الإنجليز نجس فلا يقربوا البلاد بعد عملهم هذا، وإن خفتم ضعفًا فتعاونوا وتأزروا ينصكرم الله عليهم, إن الله قوي عزيز، كيف إن يظهروا عليكم لا يراقبوا فيكم إلًّا ولا ذمة, يذبحون أبناءكم، ويستحيون نساءكم، وفي ذلك بلاء من ربكم عظيم".
لقد صحب الثورة العرابية من أول يوم هبت شعلتها، والتقت روحه بأرواح زعمائها، وعدوه لسانهم الناطق، وكان يصحبهم في كل مكان؛ كان مع الجيش في يوم ثورة عابدين يشد أرزهم، ويثبت قلوبهم، يقول عرابي: "فجال صديقي الأعز الهمام، صاحب الغيرة والعزم القوي, السيد عبد الله نديم, بين الصفوف ينادي:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} فكان ثاني اثنين في حفظ قلوب الرجال من الزيغ والارتجاف، وأخذ يردد هذه الأية الكريمة كأنهم لم يسمعوها إلّا من فمه في تلك الساعة"١.
ولما سافرت فرقة عبد العال حلمي إلى دمياط في أول اكتوبر عام ١٨٨١, خطب النديم في جموع المودعين بمحطة القاهرة محييًا الجنود، وداعيًا الناس إلى الالتفاف حولهم قائلًا:
"حماة البلاد وفرسانها! من قرأ التاريخ وعلم ما تولى على مصر من الحوادث والنوازل, عرف مقدار ما وصلتم إليه من الشرف، وما كتب لكم في صفحات التاريخ من الحسنات، فقد ارتقيتم ذورة ما سبقكم إليها سابق، ولا يلحقكم في إدراكها لاحق، ألا وهي حماية البلاد، وحفظ العباد، وكف يد الاستبداد عنا، فلكم الذكر الجميل، والمجد المخلد، يباهي بكم الحاضرين من أهلها، ويفاخر بمآثركم الآتي من أبنائنا، لقد حيي الوطن حياة طيبة، بعد أن تبلغت الروح التراقي, فإن الأمة جسده والجند روحه، ولا حياة للجسم بلا روح، وهذا وطنكم العزيز يناديكم ويقول: