إلى أن يقول:
ولسنا الساخطين إذا رزينا ... نعم يلقى القضا قلبًا رزينا
فإنا في عداد الناس قوم ... بما يرضى الإله لنا رضينا
إذا طاش الزمان بنا حلمنا ... ولكنا نهينا أن نهينا
وله قصيدة طويلة من رواية الوطن التي مثلها أمام الخديوي توفيق، وفي هذه القصيدة يبكت المصريين على افتخارهم الدائم بآبائهم, بينما هم في خمول وتقصير فتركوا الصناعات والعلوم، واستمرءوا الصفات التي تذل الشعوب وتضعها، وقد قال القصيدة معارضة لنونية ابن زيدون المشهورة، وفيها يقول:
هذه معالمنا تبكي وتنشدنا ... قول ابن زيدون إذ قامت تعزينا
"بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا ... شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا"
قل للنفوس التي ماتت بلا أجل ... أين القلوب التي كانت تجارينا؟
أين العلوم التي كانت توصلنا ... باب السعود فصارت من أعادينا؟
أين الصنائع أين العارفون بها؟ ... أين الديار التي كانت لأهلينا
كانت وكانوا وصار الكل في عدم ... واستعبدتنا بما نهوى أمانينا
إذا سمعنا خطيبًا ذاكرًا حكمًا ... قلنا له: عزة الآباء تكفينا١
وحسبنا هذا القدر من شعره, فهو يعطينا صورةً عن منزلته في الشعر وعن فهمه له.
٢- أما مقالاته في "التنكيت والتبكيت" وأسلوبه الكتابيّ في هذه الصحيفة، فقد ذكرنا آنفًا أنها احتوت موضوعات للخاصة, يكتبها بأسلوب أدبيّ محرر من السجع ومن ألوان البديع، ويتوخى فيها السهولة، "ليست منمقة بمجاز واستعارات, ولا مزخرفة بتورية واستخدام, ولا مفتخرة برقة قلم محررها، وفخامة لفظه وبلاغة عبارته، ولا معربة عن غزارة علمه وتوقد ذكائه، ولكنها
١ وهنا ترديد لما قال السيد جمال الدين من قبل, راجع ٣٤٣ من هذا الكتاب.