للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحاديث تعودنا عليها، ولغة ألفنا المسامرة بها، لا تلجئك إلى قاموس الفيروزآبادي، ولا تلزمك مراجعة التاريخ، ولا نظر الجغرافية, ولا تضطرك لترجمانٍ يعبر لك عن موضوعها، ولا شيخٍ يفسر لك معانيها، فهي في مجلسك كصاحبٍ يكلمك بما تعلم، وفي بيتك كخادمٍ يطلب منك ما تقدر عليه، ونديم يسامرك بما تحب وتهوى". ومن أمثلة موضوعات الخاصة مقالته المشهورة "مجلس طبي على مصاب بالإفرنجي" وفيها يقول: "كان المصاب صحيح البنية قويّ الأعصاب جميل الصورة لطيف الشكل، وما رآه فارغ القلب إلّا صبًّا، ولا سمع بذكره بعيد إلّا طار إليه شوقًا، نشأ في العالم روضة، ودار به أهله يحفظونه عن الأعداء، ويدفعون عنه الوشاة والرقباء، وقد مات في حبه جملة من العشاق الذين خاطروا في وصاله بالأوراح والأموال، وكلما وصل إليه واحد سحره برقة ألفاظه وعذوبة كلامه، وسلب عقله ببهجة يحار الطرف فيها، وعزة لا يشاركه فيها مشارك" وأنت ترى أسلوبًا خاليًا من السجع ليفرغ كتابه إلى المعاني التي يريدها، ويسير في سهولة ووضوح.

وهناك موضوعات للعامة كتبت باللغة العامية الدارجة بمصر حتى يفهموها، ويعملوا بها كموضوع المزراع والمرابي، وكموضوع "عربي تفرنج" ويقول في الأخير: "وُلِدَ لأحد الفلاحين ولد فسماه زعيط، وتركه يلعب في التراب، وينام في الوحل حتى صار يقدم على تسريح الجاموسة، فسرحه مع البهائم إلى الغيط, يسوق الساقية ويحول الماء, وكان يعطيه كل يوم أربع حندويلات، وأربعة أمخاخ بصل، وفي العيد يقدم له اليخني ليمتعه بأكل اللحم والبصل".

وأما أسلوبه في "الأستاذ" فهو أسلوب صحفيّ أدبيّ يمتاز بالسهولة والتدفق، والخلو من السجع والبديع والمجاز، وقد مر بك نماذج منه.

ويلاحظ أن النديم يستعمل الأسلوب الخبريّ الممتزج بالخطابيّ في معظم كتابته، وهو أسلوب يصلح للوعظ، وتراه كثير التهكم والسخرية في موضوعاته الاجتماعية، يلجأ إلى الحوار في الموضوعات التي كتبها للعامة وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>