للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمصر، فرأيت رجلًا في ذكاء إياس, وفصاحة سحبان، وقبح الجاحظ، أما شعره فأقل من نثره، ونثره أقل من لسانه، ولسانه الغاية القصوى في عصرنا هذا".

ويقول عنه جورجي زيدان١: "أما أخلاقه فإنه كان برًّا بوالديه وذوي قرابته وقصاده, ولو لم يكن يعرفهم، فما أقرض أحدًا شيئًا وطالبه به، ولا ردَّ يومًا سائلًا، ولا خضع لعظيم قط، وإنما كان يلين ويتواضع لصغار الناس وأوساطهم، وكان ذكيًّا فطنًا قويَّ الحافظة, فصيحًا جريئًا شاعرًا مطبوعًا، وكاتبًا ثائرًا".

ويقول عنه عبد الرحمن الرافعي٢: "وهو الزعيم الوحيد بين العرابيين الذي استمر في جهاده السياسيّ ونضاله عن مصر في عهد الاحتلال، وهي ميزة كبرى انفرد بها دون بقية الزعماء الذين أثرت فيهم الهزيمة؛ فوهنت لها روحهم المعنوية، وانطفأت فيهم شعلة الأمل والحماسة والجهاد, وهذا وحده يدلك على مبلغ علو نفسه، وقوة شخصيته؛ إذ لم تنل منه الشدائد، ولم يضعف إزاء المحن والكوارث، ولم يعرف اليأس إلى قلبه سبيلًا".

ويقول عنه الأستاذ أحمد أمين٣: "طالما غذى الناس بقلمه، وهيجهم بأفكاره, وأضحكهم وأبكاهم، وحيّر رجال الشرطة، وأقلق بال الساسة، ونازل خصومه من رجال الصحافة، فنال منهم أكثر مما نالوا منه، ولم يهدأ له لسان ولا قلم حيث حلّ، وعلى أي حالٍ كان، حتى هدأه الموت الذي يهدئ كل ثائر، ومهما أخذ عليه فقد كان عظيمًا، وكانت جريدة "الأستاذ" هي الأستاذ لمصطفى كامل, تعلم منها الاتجاه والنغمة، وإن اختلفا من حيث الثقافة والأسلوب بحكم الزمن والأحداث والظروف".

ويقول الأستاذ العقاد٤: "ولقد كان عبد الله النديم خطيبًا مطبوعًا، ومحدثًا ظريفًا من الطراز الأول, كما شهد له عدوه وصديقه، وكان إذا كتب فكأنما


١ مشاهير الشرق, ج٢ ص١١١.
٢ الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزي, ص٥٢٧.
٣ مجلة الثقافة العدد ٢٧٩.
٤ شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي, ص٩٣-٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>