للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد كان من آثار الثورة العرابية في الأدب أن ألهمت الناس الحماسة، وجَرَّأتهم على الخطابة, فظهر عشرات من الخطباء إبان الثورة، إذا عرفنا أن الخطابة باللغة العربية كانت قد ماتت قبل الثورة، وأن خطباء المساجد كانوا يرددون خطبهم من كتبٍ ويقرءونها على الناس، أدركنا مدى ما دَبَّ في اللغة من قوة، وفي الخطابة من حياة على يد الثورة العرابية؛ لأنها كانت ثورةً شعبيةً عامةً، وقد وجد الناس مجال القول فسيحًا، ووجدوا في قائد الثورة خطيبًا مفهوهًا فقلدوه، ولقد كانت الثورة في حاجة إلى الخطباء أكثر من حاجتها إلى الشعراء، حتى تنتشر الدعوة، ويفهم جمهور الشعب مبادئها، ويعضد الثورة ويثبت في الميدان، ولا يسمح للخيانة والغدر بالتسلسل إلى صفوفه.

ولا بدع إذا كان مصفطى كامل وسعد زغلول فيما بعد من الخطباء المقاويل, واعتمدوا في تجميع شعور الأمة على الخطابة.

هذه بعض آثار عرابي وثورته في الأدب، لقد خرج الأدب إلى ميدان الحياة والكفاح، بعد أن كان أدبًا شخصيًّا، ولا يعرف سوى التملق والدهان والرياء، وقد فصلنا ذلك في مقدمة هذا الفصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>