وكانت سجلًا لمحاضر جلسات الديوان والحوادث الهامة، بيد أن أثر مطبعة نابليون زال بخروج الحملة الفرنسية من مصر، واشترى محمد علي مطبعتهم، فكانت نواةً مطبعة بولاق الشهيرة، أما مطابع تركيا فكانت أسبق إلى نشر الكتب الأدبية والعلمية من سواها، فطُبِعَ هناك القاموس المحيط سنة ١٨١٤، وطُبِعَتْ كافية ابن الحاجب سنة ١٨١٩، وجملة ما نشر من الكتب الأدبية واللغوية لا يزيد على أربعين كتابًا حتى سنة ١٨٣٠١.
لم يكن اتجاه محمد علي أدبيًّا، ولكن معظم اهتمامه كان بالعلوم والجيش والإدارة، ولذلك؛ كان نتاج مطبعة بولاق في أوائل أمرها علميًّا بحتًا، ومن أوائل الكتب التي طبعت بها قاموس طلياني عربي، وكتاب الأجرومية في النحو، ورسالة الفنون الحربية مترجمةً إلى التركية، وكتاب صباغة الحرير من الإيطالية، ثم سيرة الإسكندر الأكبر.
وفي الحق, لم تخرج مطبعة بولاق شيئًا ذا قيمةٍ من الكتب الأدبية إلّا في عهد إسماعيل, حينما أخذت النهضة الأدبية تشتد وتقوى، على أن مطبوعات استامبول كانت في نموٍّ واطرادٍ، ولا يزال لطباعتها في آذاننا رنة حتى اليوم.
ومن أشهر المطابع التي كان لها أثر ملموس في يالنهضة الأدبية بالشرق العربيّ, المطبعة الأمريكية ببيروت سنة ١٨٣٤, ومطبعة الآباء اليسوعييين ببيروت كذلك, سنة ١٨٤٨.
وتعد الأخيرة أكبر المطابع في سوريا، وأعظامها إتقانًا، وفيها حروف عربية، وإفرنجية، ويونانية، وسريانية، وعبرية وأرمينية.
الصحافة:
الصحافة من أسس النهضة الأدبية الحديثة، وعامل من أهم العوامل في مقاومته اللغة العامية، وانتشار اللغة الفصحى، ومجال واسع لنشر الأبحاث الأدبية، والعلمية، والسياسية, والتاريخية، والاجتماعية، ولقد تدرجت في نموّها من عصر محمد علي حتى اليوم.