أنشأ الفرنسيون إبان مقامهم في عهد نابليون صحيفتين فرنسيتين: العشار المصري "La Decade Egyptinne" وهي جريدةٌ علميةٌ اقتصاديةٌ, تنشر فيها أبحاث المجمع العلمي ومناقشات أعضائه, وتصدر كل عشرة أيام، وبريد مصر "Lecourrier de L'Egypt" وهي الصحيفة الرسمية للحملة الفرنسية، وتصدر كل أربعة أيام، وقد ذهبتا بانقضاء الحملة الفرنسية، كما أنهم نشروا سلسلة تاريخية حررها السيد إسماعيل الخشاب.
وقد أشرنا إليها سابقًا، وقد ذهبت كذلك بانقضاء حملتهم.
كانت هذه محاولات بدائية في الصحافة، فلما جاء محمد علي أصدر أول صحيفةٍ عربيةٍ سنة ١٨٢٢، حين أصدر "جنرال الخديو"، وكان يطبع في مطبعة القلعة بالقاهرة، ويصدر كل مرة في مائة نسخة باللغتين العربية والتركية، متمضنًا الأخبار الحكومية, وبعض القصص من ألف ليلة وليلة، وكان يرسل إلى رجال الدولة الذين يهم الحاكم أن يقفوا منه على أحوال البلاد، وظلت تصدر لمحمد علي وحده بعد أن ظهرت الوقائع المصرية، وكان الغرض من تزويده ببعض القصص جذب القراء إليه, ثم أنشأ في سنة ١٨٢٨ جريدة الوقائع المصرية، وكانت تصدر أول أمرها بالتركية والعربية معًا، وأخيرًا اقتصرت على العربية، ولا تزال تصدر حتى اليوم.
ولم يكن صدورها في عهد محمد علي منتظمًا، وكان يشرف على تحريرها الشيخ العطار شيخ الأزهر، وكان صديقًا للشيخ إسماعيل الخشاب محرر "سلسلة التاريخ".
وتكاد الوقائع تكون مقصورةً على الأخبار الرسمية، وكان محمد علي شديد الاهتمام بالوقائع، يودُّ أن يراها في قوة تحريرها وحسن إخراجها، وغزارة مادتها, مثل تلك الجرائد التي كانت تأتيه من أوربا، وتقرأ له، وقد أرسل ذات مرة يعنف المسئولين عن تحريرها؛ لأنهم نشروا خبرًا تافهًا لا يليق بمقام الجريدة الرسمية للدولة.