للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروايات الفرنسية الغرامية بلغة عامية ركيكة, وقد تقدم الكلام عنه١، وظل المسرح منذ ذلك الوقت يعتمد على الرويات الأجنبية الممصرة، وأحيانًا يضع له بعض المؤلفين مسريحاتٍ لا تمثل الحياة المصرية في شيء، وبها كثير من عادات الغرب وتقاليده, ولم يتجه المسرح وجهة إصلاحية إلّا نادرًا, مثل ما مر بك من روايات عبد الله نديم وأضرابه٢.

على أن الاهتمام بالمسرح وبالتمثيليات لم يكن كبيرًا، وإنما عُنِيَ المترجمون بنقل القصص الغربيّ بأنواعه وألوانه؛ ومن أقدم الذين اشتغلوا بترجمة القصص نجيب حداد اللبناني٣؛ فنقل إلى العربية رواية صلاح الدين تأليف "ولترسكوت" ورواية السيد Cid تأليف كروني Corneille وسماها: "غرام وانتقام", رواية "هير ناني" تأليف هوجو، وسماها: "حمدان", ورواية رميو وجوليت, تأليف سكسبير, وسماها: "شهداء الغرام"، ورواية البخيل لـ "موليير" ورواية الفرسان الثلاثة, تأليف إسكندر دوماس في أربعة أجزء, طبعت لأول مرة سنة ١٨٨٨.

وفي أواخر القرن التاسع عشر "يونيو سنة ١٨٩٧", حضر إلى مصر كلٌّ من نقولا زرق الله، وخليل مطران، وطانيوس عبده، واشتغلوا بالصحافة، ثم التحق نقولا بجريدة الأهرام، وعكف على ترجمة الروايات بأسلوب سهل جذَّاب، وفي سنة ١٩٠٤ ترجم رواية "سقوط نابليون الثالث" في أكثر من ألف صفحة، وقد استهوت هذه الروايات الناشئة في مصر والبلاد العربية، فأقبلوا عليها إقبالًا شديدًا، وأخذ بعض المسلمين يقلد هؤلاء المترجمين, حتى لقد أنشأ أحدهم مجلة باسم "مسامرات الشعب" يحشد فيها كثيرًا من القصص الرخيص، وأخرج نقولا رزق الله٤ "سلسلة الروايات الجديدة" وكان العدد يحتوي على شذرات من الشعر القديم، وقصصًا قصيرة, إلى جانب الرواية الرئيسية، وأنشأ طانيوس عبده مجلة "الراوي" وفيها أخذ في تعريب الروايات الشهيرة مثل: "فوست" و"الملكة إيزابو".


١ راجع ص٩٩ من هذا الكتاب.
٢ وقد ذكرنا في كتابنا "المسرحية" تاريخ المسرحية المصرية بالتفصيل, وسقنا ثمة نماذج عليها.
٣ ولد سنة ١٨٧٦, واشتغل بالصحافة, فحرَّرَ في جريدة الأهرام إلى سنة ١٨٨٤, ثم اعتزلها وأنشأ "لسان العرب، بالإسكندرية سنة ١٨٨٩".
٤ توفي نقولا رزق الله في مارس ١٩٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>