للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترجم فرح أنطون١ "الكوخ الهندي"، "بول وفرجين" و"أتلا" وغيرها من الروايات، كما ترجم خليل مطران كثيرًا من روايات شكسبير التمثيلية.

وكان من الطبيعيّ بعد أن كثرت هذه الرويات في أيدي الشباب والرجال, أن يبدأ الأدباء في محاكاتها، وكان أول المقلدين وأنشطهم جرجي زيدان٢, فنحا في تأليف الروايات منحى "ولترسكوت" الإنجليزي، واستمد من التاريخ العربيّ قصصه وأبطاله، وغيَّرَ في حقائق التاريخ وبدَّلَ حتى يدخل عامل التشويق والتتابع القصصي, وأخرج عددًا كبيرًا من هذه القصص التاريخية؛ منها: فتاة غسّان، وأرمانوسه المصرية، وعذارء قريش, وغادة كرباء، والحجاج، وفتح الأندلس، وشارل وعبد الرحمن، إلخ هذه السلسلة الطويلة التي بلغت ثماني عشرة قصة مستمدة من التاريخ الإسلاميّ، وأربع قصص أخرى مكتوبة كلها بأسلوب صحفيّ، خالية من التحليل النفسي، والنظريات الفلسفية, وما هي إلّا تاريخ في قالب قصة لم تكمل شروطها الفنية، وتاريخ لم يحافظ فيه على الحقائق، وإن كانت الحقائق التاريخية ليست شرطًا في القصة التاريخية, كما نرى عن "سكوت"، وكما نرى عند شكسبير في "أنطوني وكليوباترة", "يوليوس قيصر" وغيرهما من الروايات والمسرحيات التاريخية، ولكن هذه القصص فيها نفحة الأديب، وخيال الشاعر، وعبقرية الفنان، وليست سردًا تاريخيًّا مكتوبًا بأسلوب صحفيّ، ومثل زيدان في هذا سليم البستاني٢ في رواية "زنوبيا وبدور" وغيره ممن سلكوا هذا النهج التاريخي، وزيدان أسلم من سواه عاقبة، ثم ظهرت بعد ذلك، وللأسف قصص رخيصة تتملق النزعات الدنيا عند الشعوب، وتقرأ لقتل الوقت، وتمثل كثيرًا من وجوه الحياة الإنسانية المخزية، فالإجرام


١ توفي فرح أنطون في ١٩٢٢.
٢ ولد في بيرت سنة ١٨٦١، ودرس اللغة الإنجليزية في مدرسة ليلية مدة خمسة عشر شهرًا، وفي سنة ١٨٨١ خطر له أن يدرس الطب, ولكنه لم يتم دراسته بالكلية الأمريكية، ونال شهادة من الخارج في الصيدلة, ثم أتى مصر، وتولى تحرير جريدة الزمان سنة، ورافق الحملة النيلية إلى السودان سنة ١٨٨٤ مترجمًا بقلم المخابرات، ثم رجع إلى بيروت عضوًا في المجمع العلميّ الشرقيّ, فدرس العبرية والسريانية, وزار انجلترا في سنة ١٨٨٦؛ وتردد طويلًا على "المتحف البريطاني" بلندن، ثم عاد إلى مصر, وساعد في تحرير المقتطف، ولكنه استقال بعد مدة، واشتغل بالتدريس سنتين, وفي سنة ١٨٩٢ أنشأ الهلال, وتوفي سنة ١٩١٤.
٣ توفي سنة ١٨٩٤, وبذلك سبق زيدان في تأليف القصص التاريخية, وله كذلك قيس وليلى والإسكندر.

<<  <  ج: ص:  >  >>