٢ لا مراء في أن الأدب الأوربي قد تأثر بالأدب العربي خلال العصور الوسطى، وظهر هذا الأثر في صور شتّى؛ فنرى الشعر الغربي يقتبس القافية من الشعر العربي, بعد أن لم تكن معروفة في الشعر اليوناني أو اللاتيني Legacy of Islam p. ٣٧٣،والطروبادور نوع من الشعر الغنائي الغزلي الرقيق، وقد ظهر في جنوب أوربا في القرون الوسطى، وهو يشبه إلى حد كبير في أوزانه وقوافيه ومعانيه وحرارته الشعر الغزلي العربي، ولا سيما الغزل العذريّ, وكلمة "طروب" عربية لا شك فيها, والقصص العربية والخرفات والأمثال والنوادر كان لها أكبر الأثر في الأدب الأوربي حينذاك؛ ومن أهم الكتب التي ترجمت: كليلة ودمنة في القرن الثالث عشر، وكان النواة التي نشأ من حولها أدب قصص عن الحيوان والطير، وإذا وزانت بين أشعار "لافونتين" وبين قصص كليلة ودمنة, تجد الاقتباس واضحًا, وقصص بوكاشيو "دي كاميرون" عليها طابع عربيّ ظاهر، ولما ترجم ألف ليلة سنة ١٧٠٤ احتفى به الأدباء الأوربيون احتفاءً شديدًا واقتبسوا منه، ونسجوا على منواله، وظهرت قصص أوربية مشهورة, فيها النفحة العربية والخيال الشرقي، خذ مثلًا "زاديج" لفولتير أو "الكوميديا الإلهية" لدانتي, فإنك تلمس أثر رسالة الغفران قويًّا في الملحمة الإيطالية، ولم يكن التشابه مجرد مصادفة، بل الأمر أعمق من هذا. ومن أشهر الآثار التي تتسم بالطابع الشرقي العربيّ ديوان الشاعر العالمي "جيته" المسمى "ديوان الشرق والغرب", ومسرحية كورني "السيد" ومسرحية راسين "باجازيت أي بايزيد" من أثر هذا الاتصال الثقافي.