الملاحق التي يضيفها إليه في كل عام، وقد قام بترجمته زميلنا المرحوم الدكتور عبد الحليم النجار.
أثر المستشرقين:
تفرغ المستشرقون للبحث، ومنحتهم أممهم المال والوقت، وتحت أيديهم المكاتب العامرة بالأبحاث وبالمخطوطات النادرة، وكلهم يعرف عدة لغات عربية وشرقية، فكان من الطبيعيّ أن تتسم آثارهم بسمات التحقيق والمثابرة والاطلاع والموازنة ومراجعة الأصول أو المخطوطات ووضع الفهارس, وغير ذلك مما كان مفقودًا في الكتب العربية.
ولقد مهَّدوا السبيل أمام الباحثين بنشرهم المخطوطات الثمينة في طبعات أنيقة مصححة، مزودة بتعليقات نفيسة، وبفهارس تيسر الاطلاع وتجمع الأشخاص والأماكن، والموضوعات، واشتهروا بتحقيقاتهم اللغوية، وبأبحاثهم في أصول اللغات، وفقه اللغة، والساميات، وباكتشافاتهم الأثرية في بلاد العرب، وقد غيرت هذه الاكتشافات كثيرًا من نظريات التاريخ وحقائقه المتداولة، وامتازت أبحاثهم بحسن العرض، وبالتدقيق العلميّ، وبالنظرات الشاملة، وأهم أثر للمستشرقين يتضح في الكتب العربية التي ألفت على نمط كتبهم، ولا يهولنك هذا، فهم كما ذكرت لك قد أتقنوا طرق البحث في لغتهم، وطبقوها على الدراسات الشرقية التي يضطلعون بها، وعندهم من الوقت والمال ما يمكنهم من حسن الإخراج وجمال الأداء.
إن الدراسات الأدبية وتاريخ الأدب بصورته التي نعرفها اليوم, هي أثر من آثار المستشرقين, وحسنة من حسناتهم؛ ولا تعجب, فالكتب العربية منذ طبقات الشعراء لابن سلام الجمحي, وما أتى بعده من كتب التراجم؛ كمعجم الأدباء لياقوت، ووفيات الأعيان لابن خلكان, لم تبحث في الأسباب والعلل والنتائج والبيئة والظواهر السياسية والاجتماعية، وتفاعل الأديب وعصره, كما نرى اليوم في الدراسات الأدبية، وإنما كان الأديب وحدة منفصلة لا تربطه بغيره روابط.