ولقد أساء محمد علي إلى المصريين وأذلهم، وصار يجبي منهم الأموال بالعسف، ويسوقهم سوق الأنعام للجندية التي يحارب بها السلطان أو الوهابيين في نجد، وفَضَّل عليهم الأجانب الذين جلبهم لمعاونته في تدبير شئون البلاد، وأوسع لهم في المجاملة، وزاد لهم في الامتياز متعديًا حدود المعاهدات المنعقدة بينهم وبين الدولة العثمانية، حتى صار كل صعلوكٍ منهم، لم يكن يملك قوت يومه، ملكًا أو كاللملك في بلادنا، يفعل ما يشاء، ولا يسأل عما يفعل؛ فصغرت نفوس الأهالي بين أيدي الأجانب بقوة الحاكم، وتمتع الأجنبيّ بحقوق الوطنيّ التي حرمها، وانقلب الوطنيّ غريبًا في داره, غير مطمئنٍ في قراره، فاجتمع على سكان البلاد المصرية ذلان: ذل ضربته الحكومة الاستبدادية المطلقة, وذل سامهم الأجنبيّ إياه ليصل إلى ما يريد منهم, غير واقف عند حَدٍّ, أو مردود إلى شريعة١.