للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأدب القديم، إلى أخرى ثائرة غارقة في التجديد، خارجة على كل ما يمت إلى القديم بصلة.

وهذا يتطلب مني الترجمة لكبار شعراء كل مدرسة، ودراسة آثارهم، ومعرفة خصائصهم، وهو عمل ضخم أرجو الله أن يعينني على إنجازه وإتقانه.

لقد نقد النقاد المفكرون بمصر الشعر، وتكلموا عنه، ووجهوا الشعراء إلى ما يريدون وقد استجاب بعضهم للنقد والتوجيه، واستعصى آخرون عليهم. وظهرت تراجم موجزة لكبار الشعراء، ولكنها تسير على المنهج القديم في البحث، لا تنفذ إلى المؤثرات العامة والخاصة في حياة الشاعر، وتتعرف على مزاجه الأدبي، وألوان ثقافته، وتدرس آثاره دراسة مستفيضة. وكتبت مقالات مبتورة عن المدارس الأدبية الغربية، ولكنها الغربية، ولكنها لم تتعرض للشعر المصري وإلى أي حد تتلمذ على هذه المدارس.

وربما كان كتاب الدكتور إسماعيل أدهم عن خليل مطران أول كتاب يتعرض لشاعر معاصر على طريقة علمية صحيحة. ولكن أسلوب الدكتور أدهم أسلوب فيه بعض الغموض؛ لأنه غريب عن العربية، وطريقته في البحث قد جنحت إلى الحقائق العلمية الجافة، وطبق في كتابه المنهج العلمي أكثر مما يجب، فجاء الكتاب محدود الفائدة. ثم إنه ترجمة لشاعر واحد وإن كان شيخ المجددين بمصر.

ولم يظهر حتى اليوم كتاب يضم أشتات هذا الموضوع، ولذا أشعر بضخامة هذه الدراسة، وصعوبتها وأرجو أن أوفق في بحثي هنا، وأقدم للمكتبة العربية ما تسد به ذلك النقص. ولست أزعم أني في هذا الجزء سأوفي الموضوع كل حقه، وأترجم ترجمات مسهبة لكل شاعر، فذلك فوق ما أطيق، ويطيقه هذا الجزء ذو الصفحات المحدودة مهما كثرت، ولهذا اقتصرت فيه على تبيان المؤثرات العامة في الشعر بعد البارودي وعلى بعض رجال المدرسة التقليدية.

وأعترف أن ما قدمته ليس إلا محاولة لدراسة الشعر في العصر الحديث على طريقة علمية، تحتاج فيما بعد من الدرس والتمحيص وأن بها قصورًا كثيرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>