للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- تقليدنا لمذاهب الأدب الأوربي، وصرنا نسمع، ولا سيما بعد الحرب العالمية الأولى بما يسمى المدرسة الرمزية والمدرسة الواقعية، و"السريالية"، والمدرسة الإبداعية "الرومانتيكية"١، ومعظم الشعراء الذين فتنوا بهذه المدارس، قلدوها تقليدًا، من غير أن يكون ثمة داعٍ لهذا التقليد؛ إذ لم تظهر هذه المذاهب الأدبية في أوربا إلا نتيجة لعوامل اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية شجعت على ظهورها. وسنعود إلى بعض هذه المدارس بشيء من التفصيل عند الكلام على المدرسة المجددة في الشعر الحديث إن شاء الله.

٣- التجديد في القوالب الأدبية، فلم تعد القصيدة وحدها في الشعر -كما كانت في القديم- هي القالب الوحيد الذي يفصح فيه الشاعر عن خلجات قلبه، ويحمله خياله ومعانيه، بل عمد الشاعر إلى المسرحية الشعرية، واختلفت مسرحياتهم طولًا وقصرًا. وأكثروا من الرباعيات، والتواشيح. بل إن بعضهم قد أسرف فنظم ما يسمى بالشعر المرسل، ولم يكن حظ النثر دون الشعر في هذا المضمار، بل بذّه، وسار في التجديد شوطًا أوسع، ولم تعد المقالة وحدها صاحبة السيطرة في النثر، بل اهتم الأدباء بالأقصوصة ثم بالقصة الطويلة، وإن كان حظ الأدب العربي من القصص الطويلة الجيدة حتى اليوم ضئيلًا، وأكثر من كتابة المسرحيات الاجتماعية، واشتهر كتاب خطوا في المسرحية خطوات موفقة. ولتفصيل هذا الموضوع مكان آخر إن شاء الله.

٤- الاقتباس من معاني الأدب الأوربي وأغراضه، وذلك لكثرة الترجمة في هذا العصر كثرة عجيبة، سواء من الشعر أو النثر، فتجد كبار الكتاب أو الأدباء يسهمون في المجلات الأدبية بمقالات من إنشائهم أحيانًا، وينقلونها عن الآداب الأوربية أحيانًا، واشتهر من بين الأدباء الذين زودوا الأدب العربي بكثير من آراء المفكرين الغربيين والأدباء ولا سيما الإنجليز: الأستاذ العقاد فيترجم لتوماس


١ راجع تفصيل الكلام عن هذه المذاهب في كتابنا "المسرحية".

<<  <  ج: ص:  >  >>