للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تيمور، والدكتور هيكل، ونوع ثانٍ ينقل باللغة العربية السهلة التي يتكلمها الناس، ولا ترقى إلى اللغة الأدبية أو تدانيها، بل هي أشبه بلغة الصحف، ومن هؤلاء: المازني ومحمد عوض، ومع هذه البساطة في التعبير والدقة في الترجمة قل أن نجد ليدهما أساليب تنكرها العربية، وإن كان المازني قد جنح في أخريات حياته إلى التساهل في استخدام الكلمات العامية في مقالاته الصحفية وفي بعض قصصه مع أنه في مستهل حياته الأدبية كان من أكبر المحافظين على الفصحى وعلى تجويد الأسلوب، وقد برع المازني في أخريات حياته في الترجمة من الإنجليزية إلى العربية براعة جعلته في الصف الأول في هذا المضمار، ونوع ثالث كان يتحرج من الإسفاف في التعبير أو الحيدة عن صحيح اللغة أو الكتابة بأساليب مرقعة، ولا هي بالعربية الأصيلة أو الغربية الخالصة، وإنما كان يترجم ترجمة أدبية قوية ممتازة الأسلوب مثل مطران في ترجماته لروايات شكسبير، ومثل طه حسين في ترجماته، ومثل الزيات في آلام فرتر ورفائيل. ومثل السباعي١ في قصصه المترجمة، وإن كان لا يتقيد بالأصل، ومثل عباس حافظ في قطعه الأدبية المترجمة٢.

وقد كان ثمة صراع بين الذين يؤثرون السهولة والراحة، ولا يكلفون أنفسهم عناء البحث وراء الكلمة الفصيحة حين الترجمة أو التأليف, وينقلون الآثار الأدبية الرائعة في لغاتها إلى اللغة العامية المصرية فيسيئون إلى هذا الأدب الجميل، ويسيئون إلى لغتهم إساءة بالغة، فالأثر الذي تتركه مثل هذه القطع المترجمة أثر وقتي يزول بخروج المتفرج من المسرح أو أثر خلقي إن كانت الرواية خلقية أو اجتماعية، أما الأثر الأدبي فلا وجود له البتة؛ لأن العامية لا تستطيع النهوض والوقوف للغة العربية كما ذكرنا في غير هذا الموضع٣. وبين هؤلاء الذين تمكنوا في اللغة العربية تمكنًا عظيمًا، فهم يبغون في ترجماتهم تزويد هذه اللغة بألوان من المعاني، والأفكار، والموضوعات تجعلها من اللغات العالمية الغنية.


١ راجع LENARD S. HARKER في كتابه BLAZING THE TRAIL ١٩٣٨ ص ١٢٩، والدكتور إسماعيل أدهم عن مطران ص ٣٤.
٢.taher kahamiti and kamipfmeyer: leadera in contemporary ababic literaturc
٣ البلاغ الأسبوعي ١٩٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>