ثم تعلن الحرب العالمية الثانية في سبتمبر ١٩٣٩، وتعلن معها الأحكام العرفية، ويشح الورق، وتفرض الرقابة على المطبوعات، وينقص حجم الصحف، وتضعف الصحافة الأدبية تدريجيًّا، ويظهر في أعقاب الحرب نجم جديد في عالم الصحافة الأدبية وهي مجلة الكتاب التي تصدرها دار المعارف١. ويهتم الغربيون ببث دعاياتهم وثقافاتهم بين شعوب الشرق، فتصدر مجلة "المختار" الأمريكية في خلال الحرب، وكلها ترجمة عن المجلات الأمريكية، وفيها رأي العرب لونًا جديدًا حقًّا من الثقافة والتحرير ثم عجزت عن الاستمرار بعد سنوات وظهرت الهلال في ثوب جديد محتذية حذوها، متقربة نوعًا ما من ثقافة الشعب ومستواه دون أن تسف.
ولعلك رأيت بعد هذا العرض السريع للصحافة في عهد الاحتلال والاستقلال مبلغ ما عانيناه من عنت، ومبلغ ما وصلنا إليه من حرية، سنعود مرة أخرى إلى الصحافة عند التحدث عن أثر النهضة القومية في الأدب إن شاء الله.
١ من المؤلم أن المجلات الأدبية كالرسالة والثقافة والكتاب قد اضطرت للاحتجاب وأعلن الأستاذ الزيات توقف الرسالة في الأهرام ٣١/ ٢/ ١٩٥٣ ثم تلتها مجلة الثقافة وتوقفت مجلة الكتاب في أغسطس ١٩٥٣ وهذه لعمري نكسة أدبية مريعة، ولنا إلى هذا الموضوع عودة في أحد الأجزاء التالية حينما نتكلم عن النشر إن شاء الله.