للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استقلالنا الداخلي -لهذا كان من أسباب سكوتنا عن تركيا عدم شعورنا بثقل سيادتها، أما الآن وقد وصلت الإنسانية إلى هذه الدرجة من الرقى وجئنا أمام محكمة عادلة تريد أن ترد الحقوق إلى أربابها، فإن لنا أن نطلب كامل الحق -نطلب جلاء الإنجليز حالًا، واستقلال التام"١.

ولقد حاول الإنجليز أن ينتزعوا اعترافًا بمركزهم في مصر، وقد مكنهم انتصارهم في الحرب العالمية الأولى من أخذ هذا الاعتراف دوليًّا فاعترفت تركيا بحماية إنجلترا على مصر في معاهدة سيفر "أغسطس سنة ١٩٢٠" وحذا حذوها كثير من الدول٢.

ولقد أفضت في الحديث عن تركيا وموقف مصر منها؛ لأن أدبنا في هذه الحقبة، ولا سميا الشعر متأثر كل التأثر بهذه العلاقة سواء كانت سياسية، أو دينية لوجود خليفة المسلمين بتركيا، فأنت ترى شوقي، وهو شاعر الخديو، وفيه دم تركي يتغنى في مناسبات شتى بأمجاد الترك، ويرجى الثناء العاطر، والمديح المستطاب لعبد الحميد الطاغية، ويفرح المصريون، والعرب عامة حين يعلن الدستور في تركيا سنة ١٩٠٨ ويسجل الشعراء ذلك في أشعارهم، وما من شاعر في الجيل الماضي إلا ومدح عبد الحميد وغير عبد الحميد من سلاطين آل عثمان، وفرح بانتصار الأتراك في معاركهم، وحن لأحزانهم.

وإذا تصفحت شعر شوقي تجد أنه أسرف في مدح عبد الحميد٣ الطاغية، وفي إظهار ولائه للأتراك فلا تكاد تمر مناسبة سارة أو محزنة لهم من غير أن يقول فيها قصيدة وهذا ديوانه بين أيدينا تجد فيه ما يقرب من خمس عشرة قصيدة في الأتراك وسلطانهم، وقوادهم والمناظر الجميلة ببلادهم، وتراه يبالغ في مدح عبد الحميد مبالغة غير مقبولة من مثل قوله:


١ ثورة سنة ١٩١٩ ج١ ص٩٥.
٢ ثورة سنة ١٩١٩ ج٢ ص٧١.
٣ ولد السلطان عبد الحميد في ٢١ سبتمبر سنة ١٨٤٢، وتولى الملك في أغسطس سنة ١٨٧٦: وخلع في ٢٧ من إبريل سنة ١٩٠٩ وتوفي في ١٠ من فبراير سنة ١٩١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>