للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول مخاطبًا أهل مصر:

يا أهل مصر كلوا الأمور لربكم ... فالله خير موئلًا ووكيلًا

جرت الأمور مع القضاء لغاية ... وأقرها من يملك التحويلا

هل كان ذاك العهد إلا موافقًا ... للسلطتين وللبلاد وبيلا

يعتز كل ذليل أقوام به ... وعزيزكم يلقي القياد ذليلًا

دفعت بنافيه الحوادث وانقضت ... إلا نتائج بعدها وذيولًا

وانقضَّ ملعبه وشاهده ... على أن الرواية لم تتم فصولا

فشوقي كما ترى لم يكن صريحًا في هذه القصيدة، فبينا هو يحمد الله على أن الإنجليز لم يأتوا بملك جديد في غير البيت العلوي، كما كان منتظرًا، وأنهم اختاروا شيخ الملوك وأكبرهم سنًّا لهذا المنصب، تراه يطلب من المصريين أن ينتظروا في صبر حتى تتم فصول الرواية، وتراه ينعي على الموقف الغريب الذي كانت فيه مصر زمن عباس، إذ تتنازع فيه السلطتان: الشرعية، والفعلية التي أغتصبها عميد إنجلترا في مصر، وأنه موقف يعتز به كل ذليل، ويذل كل عزيز.

ولكن موقف شوقي هذا لم يجده شيئًا ونفي شوقي في مصر؛ لأنه شاعر عباس، ولأنه قال: إن الرواية لم تتم فصولًا، فخشى الإنجليز من هذه الصيحة١. فأقام بالأندلس، واتخذ برشلونة له سكنًا، ثم عاد إلى مصر في أواخر سنة ١٩١٩، ووجد أن كل شيء قد تغير في مصر، فسكان "عابدين" غير من كان يعهدهم، فنأى عنه وفي النفس لوعة، وانصرف إلى النتاج الخالد، وكان له مواقف محمودة في السياسة الوطنية، سنتعرض لها فيما بعد إن شاء الله:

هذا ما كان من أمر شوقي إبان الاحتلال، أما حافظ، فهو لا شك ممن كان يحب مصر ويعشقها:


١ المرحوم أحمد زكي "باشا" مجلة أبوللو -ديسمبر ١٩٣٢ ص٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>