للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصب على النيل شبه السيول ... مغير الدجى من سناه الضعيف

ويقول في مغرب شمس بريف مصر، ولا يعطيك اللون "المحلى" فتحسب أنه وصف لأي شمس في أي مكان:

وللشمى في المنتهى مغرب ... رأينا به آية من عجب

رأينا من الغيم طودًا رسا ... على أفقها وسمها واشرأب

بجسم ظلال وقمة تبر ... وسفح تعاريجه من لهب

كأن الأشعة أثناءه ... مغاور في منجم من ذهب

وهو كذلك في وصفه لشروق الشمس في مصر لا يعطيك خصائص مصر١. ومطران لم يعجب بجمال مصر، ولا يرى فيها إلا أنها مضيافة، خصبة، هادئة؛ جوها صحو يساعد على نمو الزرع، وحراراتها تمرع النبات:

في مصر مصرخة الهيف ... وملجأ المتفزع

مصر السماء الصحو مصر ... الدفء مصر المشبع

مصر التي ما ريع ساكنها ... بريح زعزع

حيث المراعي والندى ... للمرتوي والمرتعي

حيث السواقي الحانيات ... على الطيور الرضع

حيث الحرارة ما توال ... ربيبها يترعرع

ولا عجب فقد وجد بمصر الأمن، والدعة، والجو الجميل، وحسن الضيافة، ليس بها أعاصير ولا زغازع، وزرعها نضير، وخيرها كثير فهو ينظر إليها نظرة مادية نفعية، وهو يشكرها بمقدار ما تسدي إليه من المنفعة.

مصر العزيزة إن جارت وإن عدلت ... مصر العزيزة إن نرحل وإن نقم

نحن الضيوف على رحب ومكرمة ... منها وإنا لحافظون للذمم

جئنا حماها وعشنا آمنين بها ... ممتعين كأن العيش في حلم

ومطران يعترف بالسبق لشوقي في وصف الطبيعة المصرية، وأن الحب العميق هو الذي أوحى إليه بهذا الإبداع، وأني لمطران أن يبدع إبداع شوقي وليس في فؤاده لمصر هذا الحب:


١ انظر القطعة ج٢ ص١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>