للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ألسنة الخاصة، أقيموا فيوجه هذا السبيل الجارف سدًّا من الاشتقاق المعقول والترجمة الصحيحة، والتعريب عند الضرورة لتكونوا من الناجحين"١.

ويقول الشيخ محمد الخضري "بك": "وأما عدم الحاجة إلى مزيد؟ فهذا لا تدعيه لغة من لغات الأمم الحية؛ لأن الأمم كلما كثرت حاجاتها وتجددت، اضطرت إلى المزيد من الألفاظ في اللغة، وهذا هو سر الحركة الدائمة في لغة الإفرنج بحيث ترون مجامعهم في شغل دائم، لا يأنفون أن يجدوا يومًا ما في لغتهم كلمة زائدة دلت على معنى جديد، وأكثر أحوالهم الاستعارة من غير لغتهم. وإذا كنا نرى عقولنا قد وقفت عن الاختراع، فإنا نرى أنفسنا في حاجة إلى استعمال مخترعات المخترعين والتعبير عنها"٢.

وقد حاول بعض العلماء قبل الحرب العالمية الأولى تكوين مجمع لغوي يضع كلمات جديدة، أو يعرب أو يشتق من الكلمات القديمة لتساير اللغة موكب الحضارة الجارف، وقد تكون هذا المجمع فعلًا قبل الحرب العالمية الأولى برئاسة أحمد لطفي السيد ووضع بضعًا وعشرين كلمة اشتهر بعضها ومات كثير منها٣ ثم انفض واجتهد كثير من المعبرين في وضع كلمات جديدة، ولكن المسألة صارت فوضى، فقد توضع أكثر من كلمة لمدلول أجنبي واحد، وأخيرًا أنشئ مجمع "فؤاد الأول" للغة العربية، في ١٣ ديسمبر ١٩٣٢ وقد سمي في سنة ١٩٥٤ مجمع اللغة العربية، وأهم أغراضه المحافظة على سلامة اللغة العربية، وجعلها وافية بمطالب العلوم والفنون في تقدمها، وملائمة على العموم لحاجات الحياة في العصر الحاضر وأن يقوم بوضع معجم تاريخي للغة العربية، وأن ينظم دراسة علمية للهجات العربية الحديثة وأن يبحث كل ما له شأن في تقدم اللغة"٤.

ولقد كان للاهتمام باللغة أثر عظيم في تزويدها بكثير من الكلمات الاصطلاحية والفنية والأدبية التي تعوزها، وسهل النقل نوعًا ما من اللغات


١ مختارات المنفلوطي من ص١١١- ١٢٠.
٢ المصدر السابق ص١٨٤.
٣ المصدر السابق ص٨٧.
٤ راجع صحيفة المجمع اللغوي العدد الأول الفقرة الأولى، والسجل الثقافي سنة ١٩٤٧ - ١٩٤٨ ص ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>