ترى المتقاتلين ولا يراها ... من الكفار من أجد فيحجم
تقدمت الصفوف بلا توان ... تقتل أو تمثل أو تحطم
إذا الإسلام أقبل ناصروه ... إلى الأعداء بالعزم المصمم
رأوهم ميتين بلا سيوف ... كذلك الخوف إن الخوف يلجم
فلم يرموهم والله رام ... ولا هزموا وجند الله يهزم
وقد طرق الشعر الملحمى غير هذين الشاعرين: كامل أمين، واليعربي محمد توفيق.
واهتم شعراء الجيل الماضي بالمفاسد الاجتماعية التي تناقض تعاليم الدين الإسلامي، وحاولوا الإصلاح والإرشاد ما استطاعوا، كما حاولوا تصوير هذه المفاسد وبشاعتها وضررها البليغ على الأمة. وهكذا نرى عندنا شعرًا يصح أن نسميه شعرًا دينيًّا، منبعثًا عن شعور وعاطفة.
ولم تكن مشكلة الفقر، أو النهضة الدينية، أو حجاب المرأة وسفورها هي وحدها المشكلات الاجتماعية التي أثارت شعراءنا، ولكننا نجد بجانب هذا نهضة اقتصادية في البلاد فإن المستعمر لم يدخل مصر إلا لأنها مدينة للأجانب، وكانت مصر حتى ثورة سنة ١٩١٩ بقرة حلوبًا لها؛ لا تدري من أمر اقتصادياتها شيئًا، يفد عليها كل أفاق لفظه وطنه، وضاق به، فيثري في بضع سنوات، ويصير من أصحاب الحول والطول في البلاد، ونحن نعيش كالسائمة لا نعرف كيف نستغل خيرات بلادنا، بل نبيعها بثمن بخس دراهم معدودات، ولا كيف نتعامل مع أوربا إلا عن طريق هؤلاء الأجانب، وعمت شركاتهم البلاد، واحتكرت منابع الخير فيها، وما علينا إلا أن ندفع لهم بسخاء ثمن النور والماء، والركوب وغيرها، وممن تنبه لذلك الخطر السيد عبد الله نديم، وقد عرفت في الجزء الأول كيف صور جشع هؤلاء الأجانب، وغبنهم الفاحش للفلاح الساذج، ثم جاء مصطفى كامل وحاول أن ينبه المصريون إلى أن الواجب يقتضي منهم أن ينهضوا باستقلال البلاد اقتصاديًّا، ولكن التعليم الذي فرضه علينا المستعمر لم يكن يهيئ لنا رجالًا صالحين للنهوض بهذا الأمر، حتى شبت الثورة ونهض فريق من رجال