وقد تبين لرجال الثورة المباركة أن رءوس الأموال الأجنبية بمصر تحارب الإصلاح والسير بالوطن قدمًا إلى الأمام، وتتعاون مع الاستعمار وتتخذ مؤسساتها أوكارًا للجاسوسية والخيانة والغدر. فعمدت حكومة الثورة بعد الاعتداء الثلاثي على قناة السويس إلى تأميم كثير من المؤسسات والمصارف الأجنبية، واشترتها الحكومة حتى تتخلص من نير الاقتصاد الأجنبي.
واهتمت حكومة الثورة بتصنيع مصر حتى تستقل بشئونها الاقتصادية ولا تظل عالة على سواها، ورأت أن الاستقلال أكبر دعامة للاقتصاد السياسي، وأن الصناعة بمصر في أشد الحاجة إلى توجيه نحو ما نحتاج إليه الأمة في نهضتها، فلا تترك مرتجلة أو خاضعة لنزوات رءوس الأموال، ولذلك أنشأت الجمهورية العربية المتحدة "القطاع العام" في الصناعة، وأممت كثيرًا من المنشآت الصناعية الكبرى، وأسهمت بالنصف في بعضها حتى تضمن التوجيه والإشراف. ومن أهم المشروعات الصناعية الكبرى التي تمت فعلًا توليد الكهرباء من "خزان أسوان" الذي ظل معطلًا أمدًا طويلًا تقف دون تحقيقه أهواء مغرضة، ومن ذلك مصنع "الحديد والصلب" ليمد مصر بالصناعات الثقيلة، والتوسع في استنباط النفط "البترول" وتصنيعه. ويقف على رأس هذه المشروعات "السد العالي" الذي نرجو أن يغير مجرى الحياة في الجمهورية العربية وفي الشرق العربي كله.
كما قامت حكومة الثورة بعدة إجراءات ثورية قوية تحاول بها أن تحقق الرخاء للمجموع، وأن يعيش المواطنون حياة ليس فيها هذا التفاوت المزري بين الطبقات، فسنت القوانين الاشتراكية في يوليو ١٩٦١؛ لتقريب هذه الفوارق، وإنعاش أكبر عدد من الأمة، وفي ديسمبر ١٩٦١ حرمت ملكية الأرض بالجمهورية العربية على غير المصريين ووزعت الأرض التي كان يملكها الأجانب على صغار الفلاحين؛ وبذلك أنقذت الثروة الوطنية في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة من أيدي المحتكرين والمرتزقة من الأجانب والمستغلين من المصريين وهو إجراء حاسم كان عرب مصر يحلمون به من زمن طويل حتى يستطيعوا أن