للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن النداء بوحدة القصيدة ثورة موجهة إلى نظام القصيدة العربية التي كانت تحتوي على عدة أغراض، ويكون البيت فيها وحدة مستقلة، بل عد من عيوب الشعر أن يكون له اتصال إعرابي بما يعده أو يتوقف معناه على غيره من الأبيات.

وقد نادى بوحدة القصيدة قبل العقاد وشكرى خليل مطران كما سيأتي بعد، وقد أفادت هذه الحملة فتغير نظام القصيدة وبطل النسيب التقليدي الذي كان يتصدرها، ولكن لم يستطع أي شاعر أن يحقق في القصيدة الغنائية وفي الشعر الوجداني الذاتي الوحدة العضوية كما نادى بها العقاد إلا في القصة الغنائية؛ وهذه كانت معروفة قديمًا في الشعر العربي.

ويرى ألا يكون في الشعر إحالة ويعني بها فساد المعنى، وهو ضروب فمنها: الاعتساف، والشطط، ومنها المبالغة ومخالفة الحقائق، ومنها الخروج بالفكر عن المعقول، أو قلة جدواه وخلو مغزاه١.وينعي على الشعر إذا كان فيه تقليد، وهو تكرار المألوف من القوالب اللفظية والمعاني، وأيسره على المقلد الاقتباس المقيد والسرقة٢. ويقول عن المبالغة بصفة خاصة إنها علامة من علامات انحطاط الفكرة فهي خليقة بأن تقل إذا ما انتشرت المعرفة وعنيت الأمة بالوقوف على الحقائق والاهتمام بالجواهر دون الأعراض"٣، ولكن العقاد يحاول بعد ذلك أن يدافع عن المبالغة في الشعر فيقول: "لقد ظنوا في حيرتهم أن الشعر العصري هو اجتناب المبالغة، وأن اجتناب المبالغة هو التزام الصحة العلمية، وعندي أن الذي يقول لحبيبه إنه أبهى من الشمس صادق في قوله؛ لأن الشمس لا تسره كما يسره حبيبه، ولا تغمر نفسه بالضياء كما تغمرها طلعة الحبيب ويوجه النصيحة للأدباء بقوله: "بالغوا، والتزموا الحقيقة الفنية، تكونوا عصريين كأحدث العصريين"٤.


١ الديوان ص٥٤.
٢ نفس المصدر ص٥٩.
٣ خلاصة اليومية ص١٥.
٤ البلاغ الأسبوعي ٢٢ من مايو سنة ١٩٢٧ ص١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>