للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رأى أن حافظًا وشكري على طرفي نقيض في شعرهما في الغرض والأسلوب والمنهج، وغالى كعادته في الحكم وزعم أن بيتًا واحدًا من ديوان شكري يفضل كل ما قاله حافظ وأضرابه١، مع أنه هدم شكري فيما بعده وجرده من كل ما يمت إلى الشعر بصلة.

ويرى أن الشعر لا بد من أن يكون مطبوعًا ليس فيه أثر ومن آثار الصنعة والتكلف أو الإجهاد، وأن يستلهم الخيال الواسع، ويعمد إلى الابتكار والتجديد، وأن يعبر تعبيرًا صادقًا عن نفس صاحبه، مصورًا لآمال النفس البشرية وآلامها، ومعبرًا خير تعبير عن معاني الطبيعة والعقل التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالحياة وبالنفس فيكون بحق وحي الطبيعة ورسالة النفس، ثم لا يهمه بعد ذلك أي ثوب ألبس هذه المعاني ما دامت صحيحة صادقة.

ونرى المازني في نقده التطبيقي لشعر حافظ يسلك مسلك القدماء ويتكلم على النحو واللغة والإحالة والتعسف، والسرقة، ويعيب عليه ثقل الروح وبرود الفكاهة وجمود الخيال والسخف، وفساد الذوق وفساد المعنى، والخطأ العلمي والحشو والتكرار٢.

ومن أمثلة نقده لحافظ مؤاخذته على استعماله المفعول المطلق في قوله:

غالها قبلك الزمان اغتيالًا

"فلفظة اغتيال لا ضرورة لها بعد غالبها"، وكان المازني يضيق ذرعًا بالمفعول المطلق، وقد رأينا هذا الضيق على أشده في نقده للمنفلوطي حيث أخذ يحصي ما ورد للمنفلوطي في العبارت من هذا المفعول٣.

والمازني في نقده هذا يتعسف فينقده، وكأني به يريد أن يحذف المفعول المطلق من اللغة، ولكنا نراه في "قبض الريح" يدافع عن هذا المفعول المطلق ويقول "الواقع أن هذا المفعول يمثل في تاريخ النشوء اللغوي خطوة انتقال اتسع


١ شعر حافظ ص١٢.
٢ نفس المصدر ص٢.
٣ الديوان ج٢ ص٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>