للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعبيره عن العاطفة، أو يغلب عليه روح الخيال، ولكنه مع ذلك ليس بشعر، إذ يعوزه الجسم الموسيقي، ومثل الوزن في ذلك القافية، فلا شعر إلا بهما أو بالوزن على الأقل".

ولعلنا نتذكر محاولة شكري صديقه التخلص يومًا ما من القافية في ديوانه الأول أضواء الفجر حين نظم قصيدته "كلمات العواطف" من الشعر المرسل الموزون غير المقفى، وقد أطرى المازني شكري على جرأته هذه أول الأمر، ثم عاد فعابه عليها حين ساءت العلاقة بينهما.

ومن آراء المازني التي وافق فيها زميليه قوله: "إن الجيد في لغة جيد في سواها؛ لأنه لا يختص بلغة أو زمان أو مكان، فمرده إلى أصول الحياة العامة لا إلى المظاهر والأحوال الخاصة والعارضة، وكذلك الغث غث في غيرها؛ على أن محك القدرة في الأدب بوجه عام هو تصوير حركات الحياة والعاطفة المعقدة ورسم الانفعالات واعتلاج الخوالج الذهنية ونحوها، وليست غاية الأدب تصوير قشور الأشياء وظواهرها"١.

وهذا يذكرنا بكلام الأستاذ العقاد ولكنه يرى: "أن الأدب لا بد أن تكون له غاية سامية فيدفع الأمة إلى أن تطلب الحياة العالية الكريمة"٢، فالأدب يجب أن يخدم المجتمع، فليس الفن للفن وحده٣. ولذا ينبغي أن تكون هذه الدمامة وسيلة لغيرها لا غاية، وأن تكون أداة يستهان بها على تحريك إحساسات متزاوجة أو مركبة غير التي ينبهها منظر الدمامة، وقل أن تجد من الإحساسات البغيضة ما لا يكون مختلطًا بغيره أو نقيضه٤.

ومن الآراء التي نادى بها المازني أن تكون القصيدة عملًا فنيًّا تامًّا على فكرة معينة، ليس الشاعر فيها مسبوقًا بباعث مستقل عن النفس٥.


١ الديوان الجزء الثاني.
٢ نفس المصدر ص٢.
٣ حصاد الهشيم ص١٠٦ وما بعدها.
٤ نفس المصدر ص١٢٠ وما بعدها.
٥ حصاد الهشيم ص٣٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>