للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد سبق العقاد والمازني وشكري الشاعر خليل مطران في توجيه الشعر المصري الحديث وجهة جديدة، وكان من واجبنا أن نقدمه في الكلام، ولكننا لا نعتبره ناقدًا، ونحن بصدد الكلام على النقاد وأثرهم، وإنما هو شاعر، ثم إن مطران تأثر بالمدرسة الفرنسية في الشعر أكثر من تأثره بالمدرسة الإنجليزية التي حذا حذوها العقاد وزملاؤه وبالإضافة إلى كل هذا فمطران -وإن كان مجددًا في الشعر- قد حاول في فترات أن يجمع بين القديم والجديد ولا سيما في الأغراض ولم يكن ثائرًا ثورة هؤلاء.

لقد أخرج مطران ديوانه "الخليل" في سنة ١٩٠٨، وإن كانت أول قطعة إبداعية في ديوانه ترجع إلى سنة "١٨٩٣"١، وقد ابتدأ مطران ثورته على الشعر التقليدي، والدعوة إلى التجديد بقوله: "اللغة غير التصور والرأي، إن خطة العرب في الشعر لا يجب حتمًا أن تكون خطتنا، بل للعرب عصرهم ولنا عصرنا، ولهم آدابهم وأخلاقهم وحاجاتهم وعلومهم ولنا آدابنا، وأخلاقنا، وحاجاتنا وعلومنا، ولهذا وجب أن يكون شعرنا ممثلًا لتصورنا وشعورنا لا تصورهم وشعورهم، وإن كان مفرغًا في قوالبهم محتذيًا مذاهبهم اللفظية"٢.

وأول تجديد دعا إليه مطران هو وحدة القصيدة، وتماسك أبياتها بعضها ببعض لأنه لم يجد في الشعر العربي "ارتباطًا بين المعاني التي تتضمنها القصيدة الواحدة، ولا تلاحمًا بين أجزائها، ولا مقاصد عامة تقام عليها في أبنيتها، وتوطد أركانها، وربما اجتمع في القصيدة الواحدة من الشعر ما يجتمع في أحد المتاحف من النفائس، ولكن بلا صلة ولا تسلسل، وناهيك عما في الغزل العربي من الأغراض الاتباعية التي لا تجمع إلا لتتنافر، وتتناكب في ذهن القارئ"٣.


١ راجع الدكتور إسماعيل أدهم عن مطران ص٣٢
٢ خليل مطران في المجلة المصرية السنة الأولى ج٣ "يوليو سنة ١٩٠٠" ص٨٥.
٣ خليل مطران في المجلة المصرية -السنة الأولى ج٢ "يونية ١٩٠٠" ص٢٢- ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>