للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما من حيث الأغراض فهو يرى الشعر فنًّا منبهًا للتصوير والحس عن طريق النظر، وهمًا يفترقان عن الموسيقى في أنها تنبه التصوير والحس عن طريق السمع١ "وقد نقل مطران أغراض الشعر العربي إلى أغراض أوربية، وإن سبق إليها "سليم عنحوري"٢في ديوانه "مرآة العصر"، ولعله كان قدوة ونموذجًا لمطران في حركته الجديدة٣. ولكن لم يرزق ديباجة مطران ولم يكن عصره مهيأ لتقبل دعوته التجديدية.

ولما نشر مطران ديوانه في سنة ١٩٠٨ قدم إليه بمقدمة وضع فيها مذهبه الشعري الجديد الذي دعا إليه، وبين أنه ابتدأ مقلدًا، ولكنه وجد في الشعر المألوف جمودًا أنكره فترك الشعر فترة ثم قال: "عدت إليه وقد نضج الفكر، واستقلت لي طريقه في كيف ينبغي أن يكون الشعر، فشرعت أنظمه لترضية نفسي حيث أتخلى، أو لتربية قومي عند الحوادث الجلى، متابعًا عرب الجاهلية في مجاراة الضمير على هواه ومراعاة الوجدان على مشتهاه وموافقًا زماني فيما يقتضيه من الجرأة على الألفاظ، والتراكيب، لا أخشى استخدامها أحيانًا على غير المألوف من الاستعارات، والمطروق من الأساليب، وذلك مع الاحتفاظ جهدي بأصول اللغة، وعدم التفريط في شيء منها إلا ما فاتني علمه" وقال كذلك: "هذا شعر ليس ناظمه يعبده، ولا تحمله ضرورات الوزن والقافية على غير قصده، يقال فيه المعنى الصحيح باللفظ الفصيح، ولا ينظر قائله إلى جمال البيت المفرد، ولو أنكر جاره وشاتم أخاه ودابر المطلع وقاطع المقطع، وخالف الختام، بل ينظر إلى جمال البيت في ذاته وفي موضوعه وإلى جملة القصيدة في تركيبها وفي ترتيبها، وفي تناسق معانيها وتوافقها، مع ندور التصور، وغرابة الموضوع، ومطابقة كل ذلك للحقيقة، وشفوفه عن الشعور الحر، وتحري دقة الوصف واستيفائه فيه على قدر"٤.


١ خليل مطران - المجلة المصرية- السنة الثانية ج١ يونيو سنة ١٩٠٠ ص١٢.
٢ الدكتور أحمد ضيف المقتطف المجلد ٦٨ ج٦ "يونية ١٩٢٦" ص٦٣٢- ٦٣٩.
٣ الدكتور إسماعيل أدهم ص٣٢.
٤ مقدمة خليل مطران الجزء الأول من الديوان ص٨- ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>