للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لم نجد في شعرهما هذا الإفراط في التشاؤم إلى حد الهوس والجنون، بل إن المازني نفسه يحمل على شكري، حملة قاسية ويرميه بالجنون، وهو متأثر به وتتلمذ له وإن أنكر هذا١ وفي الديوان ثم عاد فاعترف بأستاذيته بعد أن صمت شكري٢ طويلًا كما ذكرنا ذلك من قبل.

ولكننا نرى العقاد ينكر أن يكون مطران هو الذي هداه إلى هذا الشعر الجديد أو هدى زميله فهو "لم يؤثر بعبارته أو بروحه فيمن أتى بعده من المصريين؛ لأن هؤلاء كانوا يطلعون على الأدب العربي القديم من مصدره، ويطلعون على الأدب الأوربي من مصادره الكثيرة، ولا سيما الإنجليزية، فهم أولى أن يستفيدوا نوازع التجديد من آداب الأوربيين وليس للأستاذ مطران مكان الوساطة في الأمرين ولا سيما عند من يقرءون الإنجليزية ولا يرجعون في النقد إلى موازين الأدب الفرنسي، أو إلى الاقتداء بموسييه ولا مرتين من وغيرهما من أمراء البلاغة في إبان نشأة مطران"٣.

أما أبو شادي فقد اعترف بتأثره بمطران في أسلوبه الجديد٤، وإن اختلف عنه بعد ذلك؛ لأنه من قراء الأدب الإنجليزي، كما اختلف عن شكري في أن نزعته تفاؤلية وقد أقام مدرسة شعرية جديدة عرفت بمدرسة "أبولو" ولكنها لم تكن ذات منهج معين في الشعر بل جمعت أنماطًا مختلفة من الشعراء بين مفرق في التقليد وجانح إلى التجديد أو مفرط فيه وإذا كان لها من أثر فهو في نهوضها بالشعراء الشادين والأخذ بيدهم والعناية بدراسة الشعر العربي الحديث ونقده، ونقل بعض الشعر الغربي، إلا أن أبا شادي قد انصرف عن الشعر العربي، وأثر النظم باللغة الإنجليزية، فانقطع تيار تأثيره٥ ثم هاجر إلى أمريكا في أعقاب الحرب العالمية الثانية وظل هناك حتى توفي.


١ راجع الديوان في النقد والأدب والجزء الأول مقال: "صنم الألاعيب" ص٤٨ والجزء الثاني ص٨٩.
٢ جريدة البلاغ أو سبتمبر سنة ١٩٣٤.
٣ شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي للعقاد ١٩٩- ٢٠٠.
٤ راجع أبو شادي في أنداء الفجر ص١٢٨ وفي قطرة من يراع في الأدب والاجتماع ج٢ ص٣ ومجلة أبولو أكتوبر ١٩٣٤ ص٢٦٤، مختار الوكيل في رواد الشعر الحديث عن مطران وأبي شادي وشكري والعقاد، ومحاضرات الدكتور إبراهيم ناجي "اتجاهات الشعر الحديث" الأهرام ٢٠/٦/ ١٩٣٦.
٥ راجع leonard harker في كتابه blazing the trail ص١٢٩، وراجع الدكتور إسماعيل أدهم عن مطران ص٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>