وممن اشتهر بالتجديد في هذا المضمار، وبرع فيه براعة فائقة حتى سمى نفسه أو سماه الناس: شاعر الهوى والجمال مصطفى الرافعي. وله فيه معان علوية خالدة بعضها شعرًا منظومًا، وأكثرها شعرًا منثورًا.
ومن قصائده في الغزل هذه القصيدة، وهو يعبر فيها عن حاله وأنه كان متعففًا في حبه تعصمه أخلاقه ودينه، ولذلك اشتدت صبوته وحرمانه.
وهو في هذه القصيدة ينعى على هؤلاء الذين يحبون ونفوسهم تطفح بالشهوة وفي هذا ازدراء للحبيب، فالحب تضحية وعبادة.
من للمحب ومن يعينه ... والحب أهنأه حزينه
أنا ما عرفت سوى قسا ... وته فقالوا كيف لينه
إن يُقْضَ دين ذَوي الهوَى ... فأنا الذي بقيت ديونه
قلبي هو الذهب الكريـ ... فلا يفارقه رنينه
قلبي يحب وإنما ... أخلاقه فيه ودينه
يا من يحب حبيه ... وبظنه أمسى بهينه
وتعف منه طواهر ... لكنه نجس يقينه
إن تنقلب لص العفاف ... لمن تحب فمن أمينه
ما لذة القلب المدلـ ... ـه لا يطول به حنينه؟
الحب سجدة عابد ... ما أرضه إلا جبينه
الحب أفق طاهر ... ما إن يدنسه خَئُوبَه
ومنهم عبد الرحمن شكري وكان بئيسًا في حبه كثير الشكوى والوله فيه معانٍ جديدة وطريفة، من ذلك قوله:
ليس جسمي بالذي ترون ولكن ... ذاك قبر لما تكن الضلوع
من شجون ولوعة وادكار ... وهموم تنم عنها الدموع
وقوله:
شكوت إليه ذلتي فتحكما ... وأرسلت دمعي شافعًا فتبرما