للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجنبية, على قدرتنا على صوغها من لغتنا، على أن أكثر هذه الأسماء هو من قبيل اسم المكان أو الآلة، وصوغ اسم المكان والآلة في العربية مطرد من كل ثلاثي".

وقد حثَّ على استخدام "النحت" والإكثار منه؛ لإثراء اللغة كما فعلت اللغات الأجنبية الأخرى، وذلك حتى نستغني عن استعمال الدخيل.

ومن روائع أدبه قوله يصف مصر في كتابه "الساق على الساق":

"ومن خواصِّها أن أسواقها لا تشبه رجالها ألبنه، فإن لأهلها لطافة وظرافة، وأدبًا وكياسة وشمائل، وأخلاقًا زكية, وأسواقها عارية عن ذلك رأسًا.

ومنها: أن العالم عالم، والأديب أديب، والفقيه فقيه، والشاعر شاعر، والفاسق فاسق، والفاجر فاجر، ومن ذلك أن البنات اللائي يستخدمن في "الميرى" لحمل الآجر, والجبس, والتراب، والطين, والحجر, والخشب، وغير ذلك، يحملنه على رءوسهن، وهن فَرِحَات، جامحات، سابحات، صادحات، مادحات، وغير ترحات، ولا دالحات١، ولا رازحات، ولا كالحات، ولا نائحات، ومن كان نصيبها من الأجر نظمت عليه "موالًا" أجيرًا، أو من الجبس غنت له أغنية جبيسةً، كأنما هن سائرات في زفاف عروس.

ومن ذلك أن "الرنيطة" فيها تَنْمِي وتعظم، وتغلظ وتضخم، وتتسع وتطول، وتعرض وتعمق، فإذا رأيتها على رأس لابسها حسبتها "شونة"٢، قال "الفارياق": وكثيرًا ما كنت أتعجب من ذلك وأقول: كيف صح في الإمكان، وبدا للعيان أن مثل هذه الرءوس الدميمة, الضيئلة الذميمة، الخسيسة اللئيمة، المستنكرة المشئومة، المستقذرة المهوعة٣ المستقيمة المستفظعة، المستسمجة المستشنعة، والمسترزلة المستبشعة.


١ من دلح كمنع: مشى بحمله متقبض الخطو لثقله، وسحابة دلوح: كثيرة الماء.
٢ الشونة: كما جاء في القاموس مخزن الغلال, مصرية.
٣ الهوعة: من هوعته ما أكل، إذا قيأته إياه.

<<  <  ج: ص:  >  >>