للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الله البستاني خمس قصص تمثيلية شعرية ولكنها جاءت ضعيفة١

ونظم الشيخ محمد عبد المطلب منذ سنة ١٩٠٩ عددًا من الروايات والمشاهد المسرحية، متخذًا موضوعها من الأدب العربي في جاهليته وإسلامه مثل امرئ القيس، ومهلهل ابن ربيعة وغيرهما وجاءت هذه المسرحيات متينة الأسلوب قوية الديباجة فيها كثير من تعابير البدو وأخيلتهم لا يستطيع جمهور النظارة متابعته أو فهمه كما أن الشيخ عبد المطلب كان ينقصه معرفة الفن القصصي كما تقررت مبادئه في الأدب الأوربي، وينقصه شيء من الرقة حتى يستسغ الجمهور أسلوبه ويدرك مرامي شعره ولكنه ولا شك كانت محاولة طيبة من جهة محافظة ما كان ينتظر أن تجدد كل هذا التجديد٢.

وجاء شوقي بعد ذلك فقفز بالشعر المسرحي قفزوة بارعة في أخريات أيامه، وإن كانت أولى محاولاته في هذا النوع ترجع إلى أيام دراسته بباريس من سنة ١٨٨٧- ١٨٩١ فاختار مأساة علي بك الكبير موضوعًا لمسرحية شعرية ولكن يظهر أن وسائل التأليف المسرحي لم تكن قد تهيأت له، ولم يجرؤ على أن يتصرف في وقائع التاريخ ليخرج مأساة قوية فجمد إزءها، ولذلك جاءت الرواية متهافتة لا تبشر بمستقبل باسم فيه هذا الميدان.

وحاول شوقي محاولة أخرى في تلك الحقبة، إذ نظم مسرحية قمبيز، ولكنها كانت كسابقتها تهافتًا وضعفًا، فأدرك أنه لم يتهيأ لهذا النوع فأقلع عنه ردحًا طويلًا من الزمن حتى عاد إليه في آخريات حياته بعد أن انتقده مكوموه سنة ١٩٢٧ على إهماله هذا الباب في شعره فأخرج عدة مسرحيات قوية وهي: مصرع كليو باترا، ومجنون ليلى، وعنتر، وأعاد النظر في قمبير، وعلي بك الكبير وأخرجهما كذلك. وفتح شوقي الباب على مصراعيه بهذه التمثيليات الشعرية لمن أتى بعده.


١ هي مسرحيات: حرب الوردتين، ويوسف بن يعقوب. وبروتس أيام تروكين الظالم وبروتس أيام يوليوس قيصر. ومقتل هيرودس لوالديه؛ ونلاحظ أن معظمها بعيدة عن البيئة التاريخية العربية.
٢ تجد دراسة وافية للمسرحية الشعرية وتطورها في الآدب العربي مع نماذج وافية في كتابنا "المسرحية نشأتها وتاريخها وأصولها".

<<  <  ج: ص:  >  >>