للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو نوعان: ابتكاري، وتصويري أو تفسيري، والأول يظهر في تأليف مجموعة من العناصر المختزنة في الذهن في صورة مبتكرة يتحقق معها كيان خاص لها. والثاني يظهر في تصوير الأشياء على أساس إضافتها إلى أشياء أخرى تقويها وتظهرها، ويستعين الأديب على الضرب الثاني بفنون البديع والبيان من تشبيه واستعارة وكناية، وتمثيل وما إلى ذلك.

والخيال الابتكاري ضربان. خيال نافذ، يعين صاحبه على استحضار أطياف الماضي وتصوير حوادثها، وخيال خالق بجسم الإحساسات ويخلق الشخصيات، ومن الضرب الأول الشعر التاريخي كقول شوقي:

كم مركب تتخايل الدنيا به ... يجلي كما تجليا لنجوم وتنسق

"فرعون" فيه من الكتائب مقبل ... كالسحب قرن الشمس منها مفتق

تعنو لعزته الوجوه ووجهه ... للشمس في الآفاق عان مطرق

آبت من السفر البعيد جنوده ... وأتته بالفتح السعيد الفيلق

ومشى الملوك مصفدين خدودهم ... نعل لفرعون العظيم ونمرق

مملوكة أعناقهم ليمينه ... يأبى فيضرب أو يمن فيعتق

أو كقوله في الهمزية التاريخية يصف ذل فرعون، وهزيمته أمام قمبيز:

جيء بالممالك العزيز ذليلًا ... لم تزلزل فؤاده البأساء

يبصر الآل إذا يراح بهم في ... موقف الذل عنوة ويجاء

بنت فرعون في السلاسل تمشي ... أزعج الدهر عريها والحفاء

وأبوها العظيم ينظر لما ... رديت مثلما تردي الإماء

أعطيت جرة وقيل إليك النهر ... قومي كما تقوم النساء

فقد نفذ الشاعر بعين خياله إلى الماضي واستحضر ذلك المشهد ثم وضعه وصوره، وأما الخيال الخالق فهو الذي يجسم الإحساسات ويخلق الشخصيات، ويبث الحياة في الجماد كقوله شوقي:

<<  <  ج: ص:  >  >>