للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانوا يهتمون بالطبقة الراقية من الأمة، فيمدخون أعلامها، ويرثون عظماءها، ويتبادلون وإياهم الرسائل الإخوانية.

وقد وصفوا بعض الأشياء، ولكنهم قلما أفردوا للوصف قصائد بذاتها، وأهمل أكثرهم الطبيعة المصرية، أو قال فيها الشيء القليل، ونظرة عابرة من غير أن يقف طويلًا، على الرغم من تنبه الشعور الوطني والإحساس القومي في أخريات عهودهم.

وتراهم يحاولون التجديد في الموضوعات، وكأن لديهم عقدة نقص يحاولون إخفاءها، فيكثرون من الكلام على البخار، والطيارة وغيرهما، ليثبتوا أنهم يجارون عصرهم، والحضارة التي يتمتعون بها.

وقد تخلف عند بعضهم شيء من الأغراض التي قضت عليها حركة التجديد، فترى الهجاء الشخصي والاجتماعي كما عند صبري، وترى الفخر كما عند عبد المطلب، وعلى العموم فدائرة الشعر لديهم ضيقة، وموضوعاتهم محدودة، وإن أفاضوا في الشعر السياسي والاجتماعي متأثرين بالحركات القومية التي لم يجدوا بدًّا من أن يتأثروا بها.

أما معانيهم فليس فيها جديد إلا النادر كما ترى ذلك عند توفيق البكري، ومعظمها مأخوذة من الأدب العربي القديم، أو من المعاني المتداولة، وخيالهم تصويري مبني على الاستعارة والتشبيه والمجاز، بل كثيرًا ما تكون تشبيهاتهم غير مجارية لزمانهم أو بيئتهم، وإنما نهجوا فيها نهج العرب الأقدمين، متأثرين بالقوالب المحفوظة، والعبارات المتداولة.

كان أغلبهم متزمتًا، جادًّا في حياته، وإذا تغزل عف ولم يفحش، وفي أدبهم تكثر الحكمة والموعظة والإرشاد، فهم يجعلون للشعر غاية يهدف إليها، ولم يعرفوا معنى "الفن للفن".

وبعد، فهذه أهم خصائص تلك المدرسة، على أن هذه الخصائص المشتركة بين شعرائها تختلف قوة وضعفًا أو وجودًا وعدمًا في بعض الشعراء عن بعض،

<<  <  ج: ص:  >  >>