للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أرسل إسماعيل صبري لدراسة القانون بمدينة "إكس" سنة ١٨٧٤، وتقلب في مناصب القضاء المختلفة، وترقى في سلمة حتى عين "نائبًا عموميًّا" وكان أول مصري يشغل هذه الوظيفة، وذلك في عام ١٨٩٥. ثم عين محافظًا للإسكندرية سنة ١٨٩٦، ووكيلًا لوزارة العدل "الحقانية" إلى أن اعتزل الخدمة في سنة ١٩٠٨، وقد أنعم عليه بعدة رتب وأوسمة، وانتقل إلى رحمة الله في مارس ١٩٢٣.

لم يذكر أحد ممن تكلم عن صبري سواء من أصدقائه أو معاصريه شيئًا عن طفولته وأسرته، وعوامل الوراثية فيه، وهذا حقًّا شيء يؤسف له، فإن كثيرًا من هؤلاء الذين كتبوا عنه قد خالطوه وصادقوه، وعرفوا من أمره ما لا يعرفه جمهرة الناس؛ ولأن ذكر دراسته وتقلبه في مناصب عدة لا يفيد مؤرخ الأدب بقدر ما يخدمه معرفة البيئة التي ترعرع فيها الشاعر ونما.

ومهما يكن من أمر فقد جمع الذين كتبوا عنه أنه كان مرهف الحس، أنيق المظهر والمخبر، دمث الخلق، لين العريكة، خفيف الروح، حاد المزاج١، كما أنه كان أبي النفس حييًّا، مترفعًا عن الدنايا، لم يغش دار "كرومر" أو يتصل به على الرغم مما بذله من محاولة لاجتذابه إليه٢.

ولعلك تلمس في شعره شيئًا من صفاته، فقد كان حريصًا على أصدقائه الذين يتخيرهم بعد طول نظر، وهم قلة فإذا صادق ضن بصديقه عن سماع أي وشاية، بل يقابل الوشاية بالثناء وكان كثيرًا ما يردد قول الأحنف: "ما أقبح القطيعة بعد الصلة" وفي هذا يقول مخاطبًا أصدقاءه الذين كرموه، وهو يودع الإسكندرية:

وأحفظوا عهدي القديم فإني ... حافظ عهدكم برغم البعاد

فإذا قرب النفوس ائتلاف ... هان عندي تفرق الأجساد

وهو القائل:


١ الدكتور طه حسين في المقدمة ص٨.
٢ أحمد الزين في المقدمة ص٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>