وتارة ينظر إليه مرحبًا مطمئنًا.
يا موت هأنذا فخذ ... ما أبقت الأيام مني
بيني وبينك خطوة ... إن تخطها فرَّجت عني
وأحيانًا يعزي نفسه بأنها إن سئمت الحياة، ففي التراب والموت الراحة، فالأرض هي الأم الرءوم:
إن سئمت الحياة فأرتجع إلى ... الأرض تنم آمنًا من الأوصاب
تلك أم أحنى عليك من الأم ... التي خلفتك للأتعاب
لا تخف فالممات ليس بماح ... منك إلا ما تشتكي من عذاب
وحياء المرء اغتراب فإن ما ... ت فقد عاد سالمًا للتراب
أما خفة روحه، وحلو دعابته، وبراعته في النكتة في أشعاره التي قالها على لسان الوزراء والحكام، وفي المقطوعات التي نظمها في محمد المويلحي مشيرًا إلى "الكف" الذي ضربه ما ينبئ عن روح قاهرية محبة للنكتة التي تدور على التلاعب بالألفاظ، وتداعي المعاني والتورية، استمع إليه يقول في يوسف سابا باشا وقد تولى رئاسة شركة مياه القاهرة:
أين سابا؟ أين سابايا ترى ... أين سابا ذو المزايا الباهرة
قال لي قوم ثقات إنهم ... لمحوه في مياه القاهرة
وإلى ما قاله في إسكندر فهمي باشا مدير السكة الحديدية حين اعتزل منصبه.
اصلب أنت؟ قل لي، حار أمري ... إذا فكرت فيك وضاع حدسي
خرجت من الشريط ولم تهشم ... كأنك خارج من بيت عرس
ففي قوله "صلب" إشارة إلى المعدن الذي تصنع منه القضبان والقاطرات، وفي قوله "خرجت من الشريط، تلميح إلى الشريط الحديدي المعروف. وأسمع إليه كذلك يقول على لسام محمد المويلحي مشيرًا إلى ذلك الكف الذي ضربه على صدغه ولم يثأر لكرامته:
أنا فرع الألى رفعوا بناء ... يرى للنسر فوق ذراه بيت
أريش يراعتي بمداد خبث ... وأني لا لي هدف رميت
وإن أحد تعرض لي بسوء ... وقف وراء صدعي واختفيت