للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الرغم من كل هذه العناية، وهذا التحذير، فإن إسماعيل صبري وقع في أخطاء كثيرة في اللغة والأسلوب وفي المعاني، ولكنها أخطاء لا تذهب بمنزلته الأدبية، وإن دلت على أنه لم يكن متمكنًا كل التمكن في قواعد اللغة ومتنها، وعلى أن لغة الصحافة قد جنت عليه، وسنرى نماذج من الأخطاء فيما بعد.

وسترى من دراستنا لشعره أنه لم يفد من معرفته بالفرنسية إلا قليلًا جدًّا يتمثل في الروح العامة لبعض المقطوعات، فلا هو من الذين جددوا في الغالب الشعري فأتى بقصص أو ملاحم أو مسرحيات، ولا هو بالذي جدد في المعاني أو الصور أو الخيالات على نحو ما نرى عند مطران الذي تأثر كثيرًا بالأدب الفرنسي.

شعره:

قال مطران: "أكثر ما ينظمه إسماعيل صبري فلخطرة تخطر بباله من مثل حادثة يشهدها، أو خبر ذي بال يسمعه، أو كتاب يطالعه ... ينظم المعنى الذي يعرض له في بيتين عادة إلى أربعة إلى ستة، وقلما يزيد على هذا القدر إلى حيث يقصد قصيدة وهو نادر١".

ويقول أحمد محرم. "صبري منذ القديم شاعر مقل، فهو لا يستطيع المطولات، ولا يكاد يجيدها، وقد نضجت شاعريته فأبدع في مواضع كثيرة، ولكنه بقى الشاعر المحدود والفنان الذي يأخذ من الفن ما يعجبه، ويأبى أن يعطيه ما يحبه هو ويرضاه٢.

فصبري شاعر مقل، لا يكاد يجيد المطولات؛ وذلك لأنه لم يحترف الشعر، وإن أراد أن يكون شاعرًا معروفًا "فأقرأ الديوان من أوله فسترى ففتى يحاول قرض الشعر على النحو الذي تعلم الناس من قبله عليه قرض الشعر، يقول في الموضوعات التي كان الناس يقولون فيها، في مدح الخديو إسماعيل، وفي مدح


١ مختار المنفلوطي ص٦٧.
٢ مجلة أبوللو سبتمبر ١٩٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>