نظروا إليه بعين الصديق، وتمثل لهم إسماعيل صبري الرقيق الحس، المهذب الخلق، الكريم الخصال، صاحب الندوة العامرة التي كان يغشاها الشعراء، يلقبونه لكبر سنه، ولمقامه الأدبي بالرئيس أو شيخ الشعراء، وأنساهم كمال إسماعيل ما في شعره من مساوئ.
ولا أريد أن أتجنى على إسماعيل صبري، وهأنذا أعرض عليك لترى صدق ما أقول:
فصبري لم يجدد في موضوعات شعره، وإنما سار على نهج العرب الأقدمين، وكان عالة عليهم في معانيهم وألفاظهم وأغراضهم: مَدَحَ، وَرَثَى، وهَجَا، وهنأ، وتغزل، كما كانوا يفعلون، حتى الشعر السياسي الذي طرقه البارودي من قبل، والذي أفاض فيه حافظ وشوقي، وعبد المطلب، ومحرم، والكاشف، لم يكن له فيه نصيب ضئيل كما أنه لم يهتم بالناحية الاجتماعية في مصر، فيصور حال الشعب وآماله، ويشاركه أفراحه وأحزانه.
وحتى شعره الذي كان يقوله لنفسه، والذي لا يدفعه إليه إلا شعوره ترى فيه أثر التقليد، وإن بدا مصوغًا صياغة ظريفة، فقد نظر فيه معاني من سبقه من الشعراء وحاكاهم، وقصر عنهم في الأداء.
وأهم غرض قال فيه صبري، وأكثر هذه الأغراض تداولًا في شعره هو المديح والتهاني وما يتصل بهما. وقد بدأ حياته الشعرية بمدح الخديو إسماعيل، وهو بعد طلب في مدرسة الإدارة والألسن لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره فمن ذلك قوله من قصيدة، وقد نشرت بمجلة روضة المدارس تشجيعًا له:
سفرت فلاح لنا هلال سعود ... ونما الغرام بقلبي المعمود
وجلت على العشاق روض محاسن ... فسقى الحياء شقائق التوريد