وفي السبق إلى الغايات يقول البحتري:
طلوب لأقصى غاية بعد غاية ... إذا قيل قد تناهى تزيدا
ويقول أحمد محرم في نقد البيت الثاني: ومن الخطأ قول صبري: "من ذا يجاري أخمصيك" فإن الملوك لا تمدح بمثل هذا، وأولى بهذه المجاراة أن تكون بين العدائيين، كالسليك والشنفرى وأمثالهما، فليس المجد مما ينال بالعدو على الأقدام فيكون للأخمصين عملهما فيه، قال البحتري:
إذا سؤدد داني له مد همه ... إلى سؤدد نائي المحل يزاوله
فلم يقل مد قدمه، أو طار بأخمصيه، وإنما قال مد همه. وقد قال المتنبي أروع من هذا في نفس المعنى:
وحق له أن يسبق الناس جالسًا ... ويدرك ما لم يدركوا غير طالب
ويحذي عرانين الملوك وإنها ... لمن قدميه في أجل المراتب
وقد عد بعضهم من مبتكرات صبري في هذه القصيدة قوله:
إن يرتجل عرف فأنت إلى الذي ... لم يرتجله المالكون موفر
وهذا المعنى قديم طرقه غير واحد من الشعراء، قال طريح الثقفي:
قد كنت تعطيني الجزيل بديهة ... وأنت لما استكثرت من ذاك حاقر
فأرجع مغبوطًا وترجع بالتي ... لها أول في المكرمات وآخر
وقال الأبيوردي:
جاء الندى والبأس منك بديهة ... لما كرهت الوعد والإيعادا
ومن قبل هذين قال زهيد بن عروة المازني:
مباذيل عفوًا جزيل العطاء ... إذا فضلة الزاد لم تبذل
هم سبقوا يوم جرى الكرام ... ذوى السبق في الزمن الأول