لا تخل أفقك يخلفك الظلام به ... والزم مكانك لايحل به الكدر
في الحي قلبان باتا يا نعيمهما ... وفيهما إذا قصيت النار تستعر
وأعين أربع تبكي عليك أسى ... ومن بكاء الثكالى السيل والمطر
قد كنت ريحانة في البيت واحدة ... يروح فيها ويغدو نفحها العطر
ما كان عيشك في الأحياء مختصرًا ... إلا كما عاش في أكمامه الزهر
فأرحل تشيعك الأرواح جازعة ... في ذمة القبر بعد الله يا عمر
وقد تأثر في هذه الأبيات برثاء أبي تمام لولدي عبد الله بن طاهر وقد ماتا صغيرين.
نجمان شاء الله ألا يطلعا ... إلا ارتداد الطرف حتى يأفلا
إن الفجيعة بالرياض نواضرًا ... لأجل منها بالرياض ذوابلا
لهفي على تلك الشمائل فيهما ... لو أمهلت حتى تكون شمائلا
إن الهلال إذا رأيت نموه ... أيقنت أن سيكون بدرًا كاملًا
وإن كان صبري قد تصرف في هذه المعاني، وزاد عليها، وألبستها ثوبًا رقيقًا جميلًا ومن مراثيه المشهورة قوله في رثاء صديقه أمين فكري وفيها يقول:
وهبتك يا دهر من تطلب ... أبعد أمين أخ يصحب
طويت المودة في شخصه ... فأي وداد امرئ أخطب
وأي بديل له ارتضى ... وأي شمائله أندب
أمين اتئد في النوى وارعني ... فبيني وبينك ما يوجب
أتذكر إذا أنت مني النياط ... من القلب أو أنت لي أقرب
وإذ نحن هذا لهذا أخ ... وهذا لذا ابن، وهذا أب
حسبت بأنك لي خالد ... فكان الذي لم أكن أحسب
ومطلع القصيدة فيه خلل فني واضح، رذ كيف يهب صبري للموت من يطلب -وهو من يحبه- في هدوء شامل وسخاء عميم؟ وهل يدل هذا على أنه