للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤنسنا منها أناس نعدهم لكف ... أذى عنها ورد عداة

فلما تولاها تحول نجمها ... إلى اليمين عن أيامها النحسات

وكان من الطبيعي أن يخوض عبد المطلب في مشكلة المرأة، وجنوحها إلى السفور، وهو الشيخ المتدين المحافظ على شعائر الدين، فيقول للنساء في حفل خاص بتربية الطفل حضرته أكثر من ألف وخمسمائة سيدة من عقائل مصر، مزينًا لهن الحجاب بخياله الشعري:

زعموهن بالحجاب عن العلـ ... ـم ونور العرفان محتجبات

بنت مصر كالشمس يحجبها الليـ ... ـل وراء الآفاق والظلمات

وهي في أفقها ضياء ونور ... ساطع في بدورها النيرات

أو هي المسك ينفذ العرف عنه ... من وراء الأستار والحجرات

فينفي أن الحجاب يحجبها عن العلم، ويصفها بأنها كالشمس والحجاب كالليل يحجبها وراء الآفاق والظلمات، وإن لم يوفق في هذا التشبيه على الرغم من محاولته بترديديه في البيت التالي بأنها في أفقها ضاء ونور ساطع في أبنائها الذين يشبهون البدور، أي أنها تعكس ضوءها على أبنائها، ولكن هل يغني البدر عن الشمس؟ أو ليس مغيب الشمس مبعثًا لليل ووحشته، والظلمة ورهبتها، أو ليس محوًا لوجود، ودعوة إلى الهدوء، والركود في معترك الحياة؟

على أن لعبد المطلب قصيدة أخرى أفردها لهذه المشكلة نعي فيها على المرأة المصرية تبذلها في ذلك النقاب الذي تدعوه حجابًا، وما هو بحجاب، بل يزيد في مفاتنها، وهي التي آثرت هجر البيت، وغشيان الحدائق، والمتنزهات ودور اللهو، ورأى أن الحجاب الحقيقي هو ما دعا إليه الشرع، وأنكر الدعوة إلى السفور.

ما هذه الحبرات تهـ ... ـفو في الخمائل والحقول

نكر العفاف ذيولها ... ومن الخنى قصر الذيول

إن ينتسبن إلى الحجا ... ب فإنه نسب الدخيل

<<  <  ج: ص:  >  >>