واهتم إسماعيل باللغة الفرنسية اهتمامًا زائدًا؛ لأنها كانت منذ عهد محمد علي هي اللغة التعليمية الأولى لرجال البعثات.
وظل الأمر في تدريس المواد العلمية كما كان في عهد محمد علي محتاجًا إلى واسطةٍ بين التلاميذ والمدرس الأجنبيّ, ولكن حينما أعيدت مدرسة الألسن سنة ١٨٦٨، وأخذ تلاميذ رفاعة الطهطاوي يشرفون عليها، نهضت الترجمة نوعًا ما، وتولَّى رفاعة بك رئاسة قلم الترجمة، واشترك في تعريب القانون الفرنسيّ مع عبد الله أبي السعود وغيره.
واستمرت حركة الترجمة في أوائل عهد إسماعيل مصبوغةً بالصبغة العلمية، ومعظم ما تُرْجِمَ حينذاك كان في العلوم؛ كالهندسة والطب والصناعات العسكرية وغيرها، وذلك لشدة حاجة البلاد إلى هذا النوع من التعليم. وإن كان بعض تلاميذ رفاعة قد اهتموا بالنواحي الأدبية من قانونٍ وتاريخٍ وأدبٍ.
فنجد عبد الله أبا السعود الصحفيّ والسياسيّ يترجم "نظم اللآليء في السلوك في من حكم فرنسا من الملوك" و"قناصة أهل العصر في خلاصة تاريخ مصر"، تأليف "أوغست ماربيت بك"، وباشر ترجمة تاريخ عام مطول واسمه "الدرس التام في التاريخ العام"، و"تاريخ الديار المصرية في عهد الدولة المحمدية العلوية" تأليف "برنار الفرنسيّ".
وممن كان لهم أثر في الترجمة والأدب العربية، وكان صاحب مدرسةٍ لها نهجها الخاص، واحتذى حذوها الأدباء من بعده.
محمد عثمان جلال:
وهو مصريٌّ من صميم الريف، ولد في "ونا القس" بمديرية بني سويف سنة ١٨٢٨، وتلقى العلم في مدرسة قصر العيني، ثم في مدرسة الألسن، وكان من نبهاء تلامذة رفاعة الطهطاوي, وشغل عدة مناصب حكومية، وكان آخر ما تولاه منها منصب القضاء في المحاكم المختلطة سنة ١٨٨١، وتوفي سنة ١٨٩٨ عن سبعين سنة.