للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول عثمان جلال مؤيدًا هذا الرأي حين حاول نشر "العيون اليواقظ":

"واشتغلت بإتمام العيون اليواقظ، وعرضتها على الوالي بواسطة المرحوم مصطفى فاضل، وكان أوصلني إليه محمد علي الحكيم، فما أثمر غرسها، فاتفقت مع فرنساويّ له مطبعة من الحجر, يسمى: يوسف بير، وعهدته بطبعها فتعهد، ثم أخلف ما وعد، فكلفت مطبعة أكبر من مطبعته، وصرفت عليها ما جمعت، ونشرتها، ثم بعد الحمار وبعتها، وقلت في ذلك:

راجي المحال عبيط ... وآخر الزمر طيط

والناس فاثنان بخت ... مروج وقليط

والعلم من غير حظ ... لا شك جهل بسيط١

وقد يكون من الأسباب التي دعته إلى ترجمة المسرحيات وكتابتها باللغة الدارجة, إقبال الفرق التمثيلية على هذا النوع دون سواه, ولا سيما بعد أن أغلقت أبواب "الأوبرا" التي كان يشجعها إسماعيل, ويهب الممثلين فيها والمؤلفين لها بعض المال، ويحضر الروايات بنفسه، وكان التأليف حينذاك باللغة الفصحى، فلما أغلقت الأوبرا أبوابها؛ إذ عد التمثيل ترفًا وإسرافًا، وأنشئت الفرق الخاصة, واعتمدت على الجمهور، اضطرت إلى مجاراته في لغته، وإلى التأليف له بالعامية حتى يقبل على مسارحها.

وإذا أحسنَّا الظن بعثمان جلال قلنا: إنه جارى المصلحين في نزولهم إلى مستوى الشعب حتى يكون لكلامهم أثره، ولم ينظروا للأدب إلّا بمقدار ما يؤثر في النفوس، وقد رأى عثمان جلال انتشار الأدب الرخيص, وإقبال الجمهور على سماعه في المقاهي؛ من أمثال قصة أبو زيد، وعنترة, والظاهر بيبرس, وغيرها، فأثر أن يوجد لهم أدبًا اسمى موضوعًا، ولكن لابد من كتابته باللغة التي يفهمونها، ولا سيما حين منعت الحكومة طبع كتب الأدب الرخيص؛ إذ وجدت فيها ضررًا عظيمًا، ولبَّت نداء المصلحين بمنع تداولها٢.


١ الخطط التوفيقية ج١٢ ص٦٤.
٢ الوقائع المصرية, العدد ١١٠٩, ١١ مايو ١٨٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>