للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الحياة يختلف عن حياته الأولى اختلافاً كبيراً. هذه حال الأجيال القديمة المولية التي يكتب عليها أن تعيش في عهود الثورات الكبرى. فهي لا تستطيع البقاء على القديم الذي اعتادته، وقد تغير من حولها كل شيء ولا تستطيع السير مع الجديد الذي طرأ عليها، وقد ارتبطت بالقديم ارتباطاً وثيقاً. فيضيع أفرادها بين عهدين، لا هم في القديم ولا هم في الجديد)) (١٧) .

وأعرابية ابن مقبل وجفاء طبعه، ظلت تلازمه حتى آخر حياته. فقد أدرك عصر الأمويين، ومع ذلك لا نجد له أخباراً تفيد بمشاركته في الأحداث السياسية الكبيرة التي حدثت في عصره، إلا قصيدتين واحدة قالها في رثاء عثمان رضي الله عنه تنادي بالأخذ بثأره (١٨) وأخرى تتصل بأحداث صفين (١٩) . وهذه القصيدة التي قالها في رثاء عثمان رضي الله عنه، دلل بها ابن رشيق على جفاء أعربية ابن مقبل (٢٠) هذه القصيدة تدلنا على أن حياة ابن مقبل في الإسلام، امتدت فترة ليست بالقصيرة فقد أدرك زمن الأمويين، بيد أنه ظل بعيداً عن مسرح الأحداث الإسلامية الكبرى التي حدثت في أول الإسلام، وفي عهد الأمويين. فلم يُؤثر عنه أنه شارك في تلك الأحداث التي تعاقبت في تلك الفترة. وأخباره وأشعاره تخلو من أية إشارة إلى أي نوع من المشاركة إلا ما كان من تدخله كما قلنا بشعره في رثاء عثمان رضي الله عنه، فقد نادى بالأخذ بثأره وهدد بالانتقام من قتلته. وباستثناء هذه القصيدة فإن مجموع شعره الذي وصل إلينا لم يتأثر بالإسلام بخلاف قصيدته الأخرى التي سنتحدث عنها لاحقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>