للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجمع عدد من المستشرقين على أن الحطيئة وإن أقلع عن الردة وعاد إلى الإسلام، فقد ظل رقيق الدين. ويتفقون على أن حياته زينها مؤرخو الأدب بنوادر مختلفة تصور أنه ساخر ماجن، ومسلم رقيق الدين (٤٧) .

ويرى شوقي ضيف أن الرواة بالغوا في اتهام الحطيئة بفساد الدين، قد يكون رقيقه، ولكنه ليس فاسده، فقد كان يستشعره في الهجاء بشهادة لسانه، فحينما عرض للزبرقان لم يقذع في هجائه بل مَسَّه برفق وعمد إلى التهكم والسخرية بمثل قوله يخاطبه: [البسيط]

دَعِ المكَارِمَ لا تَرْحَلْ لبُغْيَتِها

واقعُدْ فإنَّكَ أنت الطَّاعِمُ الكَاسِي

ويعقب شوقي ضيف على ذلك بقوله ((ولا شك في أن الإسلام هو الذي خفف من حدة لسانه)) ومعنى ذلك أن الإسلام لم يظل بعيداً عن روح الحطيئة، بل أخذ يرسل فيها مثل هذه الإشاعات النيرة (٤٨) .

وعلى أن الرواة أجمعوا على وصف الحطيئة بأنه كان رقيق الدين، فإن الدارسين يكادون يجمعون على أن ما وصلنا من أخباره قد زاد فيها الرواة وتوسعوا. وربما كان لتلك الأخبار التي صاحبت ولادته ونشأته، أثر في تلك الأحكام التي أطلقت عليه، فنسبه متدافع بين قبائل العرب، وصفه الأصمعي فقال: بأنه مغموز النسب (٤٩) وقال عنه ابن الكلبي ((كان الحطيئة مغموز النسب وكان من أولاد الزنا الذين شرفوا (٥٠) وقد كان الحطيئة يشعر بتلك العقدة، فقد زعم الجاحظ أن الحطيئة لقي الزبرقان بن بدر، فسأله من أنت؟ قال: أنا أبو مليكة، أنا حسب موضوع (٥١) !

<<  <  ج: ص:  >  >>