للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين الساريتين فقال "ما هذا الحبل؟ " قالوا: هذا حبل زينب فإذا فترت تعلقت به. فقال النبي : "حلُّوه ليصلِّ أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد" (١) وعند مسلم "حبل لزينب تصلي".

قال ابن حجر: "وفيه الحث على الاقتصاد في العبادة والنهي عن التعمق فيها … " (٢).

وقد حذَّر النبي أمته كذلك من الغلو في حقه .

وذلك لما ينطوي عليه الغلو من الشر العظيم، ولما يعلمه من منزلته في قلوب المؤمنين.

فقد خشي أن يدفعهم حبهم وتعظيمهم له إلى رفعه فوق منزلته التي جعلها الله له وتشريكه مع الله في بعض ما هو حق لله.

فحذرهم من الغلو في شخصه بأساليب مختلفة وذلك حماية منه لجناب التوحيد وقطعا لذريعة الشرك.

وقد جاء تحذره تارة بأسلوب النهي الصريح.

وتارة بالتجائه إلى ربه ودعائه بأن لا يتحول قبره إلى وثن يعبد.

وتارة بلعنة الغلاة الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.

فمما ورد عنه قوله : "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله" (٣).

قال ابن حجر: "الإطراء: المدح بالباطل تقول أطريت فلانًا: مدحته فأفرطت في مدحه" (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التهجد، باب ما يكره من التشديد في العبادة. انظر: فتح الباري (٣٦١٣) ح ١١٥٠. وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أمر من نعس في صلاته … (٢/ ١٨٩).
(٢) فتح الباري (٣/ ٣٧).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء برقم (٣٤٤٥).
(٤) فتح الباري (٦/ ٤٩٠).

<<  <   >  >>