للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجعل الدنيا والآخرة من جوده، وجزم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ (١).

فانظر إلى ما أدى إليه هذا الإطراء من صرف أمور قد اختص بها الرب ﷿ فصرفت للنبي .

ولكن ما على الرسول إلا البلاغ فقد سد النبي كل ذريعة مؤدية إلى الغلو والشرك حتى يبقى هذا الدين وسطًا صافيًا لا كدر فيه، وتبقى عقيدة التوحيد نقية قوية خالدة.

فلقد نهي الرسول الكريم عن المبالغة في مدحه لعلمه بأن هذه المبالغة بريد إلى الغلو ومدعاة للشرك والانحراف عن الطريق السوي.

وهذا من الحرص الكامل للرسول على حماية التوحيد، فبهذا النهي الشديد سد الرسول طريق الغلو.

والنهي عن المبالغة في الإطراء لا يعني التقليل من قدره وتوقيره فإن للتوقير والتعظيم وسائله المشروعة والتي سبق ذكرها.

ولكن هناك أناس شق عليهم التوقير المشروع فلجأوا إلى التوقير الممنوع فنسجوا قصائد مطولة أغرقوا فيها بالمديح المجاوز للحد والمنافي لقواعد التوحيد والذي لا يرضى به الله ورسوله بل جاء التحذير منه بنص القرآن والسنة المطهرة.

ولقد كان النبي أحرص الخلق على تجريد التوحيد حتى قطع أسباب الشرك ووسائله من جميع الجهات، حتى قال له رجل: ما شاء الله وشئت، قال: " أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده" (٢).


(١) تيسير العزيز الحميد (٢٧٣).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢١٤، ٢٢٤، ٢٨٣، ٣٤٧)، وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة ص ٥٤٥ (ح ٩٨٧).

<<  <   >  >>