الرسالة التى بعث بها القاضى النباهى الى ابن الخطيب بالمغرب، وفيها يعيب عليه الانصراف الى اقتناء الضياع والديار، كما أنه نسب اليه- فى بعض مؤلفاته- بعض محدثات فى الدين، مما يمس الشريعة الاسلامية، كما تناول فى بعض هذه المؤلفات الأموات من الناس، وذلك بالطعن أو العيب فيهم، الأمر الذي يستنكره الدين....، الى آخر ما جاء فى تلك الرسالة من هذه المثالب، وحتى مغادرة ابن الخطيب للأندلس مؤخرا- على تلك الصورة- رأى فيها النباهى غدرا بالسلطان ولى نعمته، كما كذبه فى ادعائه الانقطاع للعبادة فى المغرب، وأنه لو أرادها حقيقة لقصد الديار المقدسة، أو أبقى على نفسه بغرناطة بجوار الكفاح والجهاد، لنصرة المملكة الاسلامية التى يتهددها خطر الأسبان كل حين.
وفى الأخير ينهى النباهى رسالته بالنيل من أسرة ابن الخطيب، بأنها حديثة النعمة، وأن ثروتها هذه لم تأت الا عن طريق المنصب والسلطة..
وقد كان لهذه الرسالة أثر كبير فيما بعد؛ حيث كانت صك الاتهام، وأدين ابن الخطيب على أساس ما ورد فيها، وذلك عندما حلت نكبته، ودنت ساعة نحسه «١٠» .
هذا، ويرجع تاريخ الرسالة هذه الى أواخر جمادى الأولى ٧٧٣ هـ- ١٣٧١ م، وقد تسلمها ابن الخطيب بتلمسان، وأجاب على ما جاء بها مفصلا، فى كتابه «الكتيبة الكامنة فيمن لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة» ، وشدد النكير على القاضى النباهى، عندما وصقه بأنه «الجعسوس» أى: القزم الدميم، وزاد ابن الخطيب فوضع رسالة خاصة للنيل من خصمه اللدود، وسماها «خلع الرسن، فى وصف القاضى أبى الحسن» .
ظل القاضى النباهى وابن زمرك على عزمهما بسحق غريمهما ابن الخطيب، فبعد احراق كتبه العقائدية، عهد النباهى الى قضاة غرناطة باستصدار حكم الشرع فى جريمة الالحاد، وهو الاعدام، وحصل من السلطان على مصادقة بهذا