للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَذَلِكَ لأَنَّهُ لَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ بِمَعْنَى الأَمْرِ١ فِي قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} ٢ وقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} ٣ جَاءَ الأَمْرُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ ٤وَكَذَا جَاءَ الْخَبَرُ٥ بِمَعْنَى النَّهْيِ٦، كَمَا فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا" بِالرَّفْعِ٧؛ إذْ لَوْ كَانَ نَهْيًا لَجُزِمَ، فَيُكْسَرُ لالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.

قَالَ أَرْبَابُ الْمَعَانِي: وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ صَرِيحِ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ لأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لِشِدَّةِ طَلَبِهِ نَزَّلَ الْمَطْلُوبَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِعِ لا مَحَالَةَ، وَمِنْ هُنَا تُعْرَفُ الْعَلاقَةُ فِي إطْلاقِ الْخَبَرِ بِمَعْنَى الأَمْرِ وَالنَّهْيِ٨

"وَ" الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "تَفْوِيضٍ" نَحْوُ قوله تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} ٩ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي١٠.


١ انظر: نهاية السول ٢/٢٠، شرح تنقيح الفصول ص١٤٢، مختصر البعلي ص٩٩، المحصول ? ١ ق٢/٥٠، التمهيد ص٧٢.
٢ الاية ٢٣٣ من البقرة.
٣ الآية ٢٢٨ من البقرة.
٤ ساقطة من ش ز.
٥ في ش ز: والخبر.
٦ انظر: المحصول ج١ ق٢/٥٢، نهاية السول ٢/٢٠.
٧ هذا الحديث رواه ابن ماجة عن أبي هريرة، وتتمه: "فإن الزانية هي التي تزوج نفسها"، ورواه الشافعي والدارقطني.
"انظر: سنن ابن ماجة ١/٦٠٦، بدائع المنن ٢/٣١٨، سنن الدارقطني ٣/٢٢٧، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص٢٨٩، نيل الأوطار ٦/١٣٤، الفتح الكبير ٣/٣٢٢".
٨ العلاقة بين الأمر والخبر: أن الأمر يدل على وجود الفعل، كما أن الخبر يدل على وجود الفعل أيضاً، والعلاقة بين الخبر والنهي: أن النهي يدل على عدم الفعل، كما أن الخبر يدل الفعل أيضاً. "انظر: المحصول ? ١ ق٢/٥٢، ٥٤".
٩ الآية ٧٢ من طه.
١٠ سار ابن السبكي على منهج أبي المعالي في هذه التسمية: "انظر: جمع الجوامع ١/٣٧٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>