للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمُخَالِفُونَ: إسْنَادُ١ التَّحْرِيمِ إلَى الْعَيْنِ لا يَصِحُّ، لأَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ٢ بِالْفِعْلِ, فَلا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ, وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لأُمُورٍ لا حَاجَةَ٣ إلَى جَمِيعِهَا، وَلا مُرَجِّحَ لِبَعْضِهَا, فَكَانَ مُجْمَلاً٤.

قُلْنَا: الْمُرَجِّحُ مَوْجُودٌ, وَهُوَ الْعُرْفُ، فَإِنَّهُ قَاضٍ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرْنَا، وَلأَنَّ الصَّحَابَةَ احْتَجُّوا بِظَوَاهِر هَذِهِ الأُمُورِ، وَلَمْ يَرْجِعُوا إلَى غَيْرِهَا٥, فَلَوْ لَمْ تَكُنْ٦ مِنْ الْمُبَيَّنِ٧ لَمْ يَحْتَجُّوا بِهَا.

"وَهُوَ عَامٌّ" يَعْنِي أَنَّ التَّحْرِيمَ الْمُضَافَ إلَى الْعَيْنِ عَامٌّ، لأَنَّهُ إذَا احْتَمَلَ أُمُورًا مُتَعَدِّدَةً لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى تَعْيِينِ شَيْءٍ مِنْهَا قُدِّرَتْ كُلُّهَا. لأَنَّ حَمْلَهَا عَلَى بَعْضِهَا تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ, وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي٨ وَابْنِ عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيِّ وَالْفَخْرِ وَغَيْرِهِمْ, ٩وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ, وَذَكَرَهُ أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ قَوْمٍ مِنْ١٠ الْحَنَفِيَّةِ.

قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ: لا إجْمَالَ فِي {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} ١١ لأَنَّ الْعُرْفَ دَلَّ١٢ عَلَى التَّعْمِيمِ, فَيَتَنَاوَلُ الْعَقْدُ وَالْوَطْءَ.


١ في زع: إضافة إسناد.
٢ في ض: تعلق.
٣ ساقطة من ض ب.
٤ انظر الآيات البينات ٣/١٠٩، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه ٢/٥٩.
٥ فمثلاً لما بلغهم تحريم الخمر أراقوها، وكسروا ظروفها. "التبصرة ص ٢٠١".
٦ في ع ض ب: يكن. في ش: المتعين.
٧ في ش: المتعين.
٨ انظر المسودة ص ٩١، ٩٤.
٩ ساقطة من ز.
١٠ ساقطة من ش.
١١ الآية ٢٣ من النساء.
١٢ ساقطة من ض.

<<  <  ج: ص:  >  >>